فلولا أن ثم محذوفًا مقدرًا لم ينصب مع التفريغ، ومثل هذا لم يأت في المرفوع، فدل على أن مثل: (ما قام إلا زيد) ليس فيه مقدر، وأن مثل: ما مررت إلا بزيدٍ فيه مقدر في أحد الوجهين.
فالجواب: أن هذا الفرق غير صحيح؛ لأمرين: الأول: أن هذا البيت من الشاذ الذي لا يقاس عليه مع احتمال أن يكون الأصل: فلم ينج إلا بجفن سيف ومئزرٍ، لكنه حذف الجاز فانتصب المجرور كما قال:
* تمرون الديار ولم تعوجوا *
والثاني: أنه إن كان مثل هذا حجةً في جواز تقدير محذوفٍ فليكن مثل ذلك حجةً في تقدير المرفوع؛ فإنهم قد نقلوا أن الراجز قد قال: لم يُعن بالعلياء إلا سيدًا ... ولا شفى ذا الغي إلا ذو هدى
فيستوي إذًا تقدير المرفوع وغيره، فيبطل ما ذهب إليه من التفصيل، وأيضًا لو صح اعتبار التقدير بإطلاق لجاز البدل من ذلك المقدر، ولو جاز لتكلموا به، فكانوا يقولون: ما مررت إلا زيدٍ- بغير باء، كما يجوز ذلك مع ذكر المستثنى منه؛ إذ لا يشترط في البدل تكرير العامل، فالصحيح أن ما بعد إلا هو مطلوب الفعل، نعم لا ينكر أن يكون المعنى طالبًا بتقدير أمر لا يعتبر لفظًا؛ إذ لا يلزم من التقديرات المعنوية اعتبار الأمور اللفظية بها، قال السيرافي: "إنما جاز أن يستثنى الشيء من لا شيء؛ لأنه وإن "اعتمد لفظ ما قبل حرف الاستثناء على الاسم