ففاعل تعرو الفترة، وفاعل الذكر المتكلّم، فلا يصح نصب الذكر. ونصُّ الناظم على هذين الشرطين دليل على أنّ كلّ واحد منهما مُنفَكٌّ عن الآخر فقد يفترقان فيتّحد الفاعل دون الزمان تارة، وبالعكس أخرى كما تقرّر، وزعم بعضهم أنّ ذلك شرْطٌ واحد؛ إذ لا يتصوَّر ألا يتّحد الزمان إلّا إذا كانا لفاعلين كما تقول: أكرمُك لإجلالك إيّاي، وردّ عليه ابن عصفور بأنّك تقول: أكرمتك أمس طمعًا في معروفك غدًا، قال ابن الضائع: وهذا الردُّ فاسد؛ لأنك وقت إكرامك إيّاه طامعٌ، ولو لم تكن طامعًا في ذلك الوقت لم يكن الطمع علّة في وجود الإكرام، قال: وإنّما الغد ظرفٌ لحصول المعروف. قال: "وإنما يرُدُّ عليه بالمثال الذي قدمنا، وهو أن يكون الفعل مستقبلًا وسببه ماضيًا -يعني قوله: أكرمك غدًا إكرامي إيَّاك أمس- يريد: لإكرامي، وما تقدم أيضًا من الأمثلة في الشرط الثالث ردٌّ عليه. ونصُّه عليهما أيضًا دليلٌ على أنّه لم يأخذ بمذهب ابن خروف في إسقاطه الشرط الرابع؛ إذ ردَّ على الأعلم في اشتراطه، وقال: إنَّه لم ينُصَّ عليه أحدٌ من المتقدّمين، ولا يمتنع جئتك حَذَرَ زيدٍ الشر، قال: "ويظهر من تمثيل سيبويه، وهو في الكلام والشعر موجود". والأصح ما ذهب إليه الناظم، وهو رأي الشلويين أيضًا والمتأخرين، وعمدتهم في ذلك السماع، فالأصل في هذا المفعول حرف الجر، ولا خلاف أن أكثر ما وجد في كلامهم بتلك الشروط، فلا ينبغي أن يقاس مع خلافها كما لا ينبغي أن يُقاس في غير المصادر بل مواضع الاتساع لا ينبغي أن تُتَعدَّى أصلًا. هذا إن جاء من ذلك