يحذف في كل موضع لتوهم أن له وجهين في الكلام: وجها يلزم فيه الحذف، وذلك إذا أتى المصدر بدلا من فعله، ووجها لا يلزم فيه ذلك، وهو إذ لم يأت بدلا من فعله حسب ما فهم من قوله: "والحذف حتم" إلى آخره. وهذا الفهم غير صحيح في نحو: "فإمامنا" فخلص الحكم فيه بقوله: "عامله يحذف حيث عنا" فليس بحشو، ثم لما قدم هذا وأردفه بقوله: "كذا مكرر وذو حصر" خاف أن يفهم في المحصور أن الحذف يلزم عامله أيضا كما لزم في المكرر في جميع الاستعمالات فقيَّده بالنيابة بقوله:
*كذا مكرر وذو حصر ورد نائب فعل ... *
أي إنما يلزم حذف عامله إذا ناب عنه لا إذا لم ينب عنه كما تقدم فلا حشو في كلامه.
وقوله: "نائب فعل" حال من فاعل ورد المستتر، وهو عائد على ذي الحصر وحده، لا على المكرر والمحصور معا؛ لأن المكرر ليس له استعمالان من النيابة وعدمها، بل هو نائب مطلقا، فالحذف لازم معه مطلقا كالمصدر الذي في قوله: "فإما منا" بعد قوله: "كذا مكرر" يريد أن عامله أيضا يحذف حيث عنَّ، بخلاف الحصر فإنه ذو وجهين، فتقول على قصد النيابة: إنما أنت سيرا خاصة، ويجوز على القصد الآخر أن تقول: زيد يسير سيرا سيرا، وكذل في الحصر إذا كررت فقلت: إنما أنت سير البريد سير البريد، لاتقول: إنما أنت تسير سير البريد سير البريد، وبهذا يتضح صحة التفسير الثاني في كلام الناظم/ المتقدم الذكر.