ويدخل تحته ما كان في معنى الأمر، وذلك الدعاء، نحو: سُقيًا، ورعيًا، وجدعًا، وعقرًا، وخيبة، وبؤسًا، وجوعًا، وتبًا، وبعدًا، وسحقًا، وتعسًا، تقول: سقيًا لزيد، أي سقاه الله سقيًا، ورعيًا: بمعنى رعاه الله. وكأن هذا النوع مختص بما كان متعديا من الأفعال. فإذا قلت: سيرًا بمعنى: سر سيرًا، أو معنى: سرت سيرًا إذا أريد به الدعاء فلا يلزم إضمار الفعل بل يجوز أن تظهره بخلاف: ضربا زيدًا، وسقيا لزيد، وأشباههما، فإنك لا تقول: اضرب ضربًا زيدًا، ولا سقى الله زيدًا سقيًا له، ولا ما أشبه ذلك؛ ولهذا مثل ابن مالك ب"ندلًا" المتعدي، اللهم إلا أن يكون ثم تكرير فإن الإضمار يلتزم حسب ما يذكره، وقد زعم في الشرح أن مثل هذا عند سيبويه غير مقيس على كثرته، وأنه عند الأخفش والفراء مقيس بشرط أن يكون المصدر مفردا منكرا، نحو: سقيا له، ورعيا، وما أشبه ذلك. ووجه القياس ظاهر لكثرة ما جاء من ذلك في الأمر والدعاء، فلا مانع من أن تقول: أكلا الخبز، وشربا الماء، ولبسًا الثوب، وأن تقول: إطعاما له، وكفاية له، وإجلالا له، وإكبارا وما أشبه ذلك.
وأعلم أن في قوله: "بدلا من فعله" ما يدل على أن ما ذكره مما له فعل معهود مستعمل، إذ لو لم يكن كذلك لم يصدق عليه أنه بدل من فعله؛ إذ لا فعل له، وأيضا فإنه مثل بما له فعل مستعمل، فكان الأظهر أنه أرداه، فثبت أن إجراء القياس فيما قال منوط بما كان له فعل مستعمل، فخرج عن ذلك ما كان منها لا فعل له مثل: ويحه وويله وويبه وويسه، وبله فيمن قال: