ويعني أن حذف عامل المصدر حتم، أي: لازم مع مصدر قد أتى في الكلام بدلا من ذلك العامل، دلّ علىذلك قصد العرب، والبدل والمبدل منه لا يجتمعان، وهذا القصد يشتمل على جميع الأنواع التي ذكر فيما بعد، فإن المصادر فيها جعلت بدلًا من اللفظ بالفعل حسب ما نص عليه سيبويه وغيره، إلا أن ما جاء من ذلك في كلام العرب على قسمين: أحدهما: ما لم يكثر حتى يصير قياسًا، بل هو موقوف على السماع كالمصادر المثناه، نحو: حنانيك، ولبيك وسعديك، ودواليك، وهذاذيك، ومثله سبحان الله. ويدخل في هذا المعنى المصادر التي لا أفعال لها.
والثاني: ما كثر حتى صار قياسًا، وهو الذي تكلم عليه، وأتى منه بسبعة أنواع: أحدها ما كان معناه الأمر نحو: ندلا الذي معناه أندل، وإشارته به إلى ما أنشده من قول الشاعر:
على حين ألهى الناس جل أمورهم ... فندلًا زريق المال ندل الثعالب
كأنه قال: اندل المال ندلًا، والندل: تناول الشيء باليدين جميعًا، وهو أيضا السرعة في السير، ويقال: ندل يندُل بالضم، ويندِل بالكسر، ومثله: ضربًا زيدًا، وقتلًا عمرًا، وإكرامًا أخاك، وصبرًا عليه، على معنى: اضرب، واقتل، وأكرمواصبر. فهذه نظير مثاله المذكور، وهو ما لا يظهر فيه الفعل كما قال.