هل من حُلومٍ لأقوام فتنذرهم ... ما جرَّب الناس من عَضِّي وتضريسي
والثاني: أنَّ المانع من تثنية المصدر وجمعه إنّما هو كونُه يقع على القليل والكثير، فهو اسم جنس كسائر أسماء الأجناس، فإذا أُزيل عن ذلك فصار يدلُّ على شيء بعينه من نوع أو شخص صار كأسماء الأشخاص يُثنَّى ويُجمَع فكما تقول: ضربتان وضربات من جهة تعيين أشخاص الضرب، كذلك تقول ضربان وضروب من جهة تعيين أنواع الضرب، فظهر وجه ما اختاره الناظم، والله أعلم.
وقوله: "وأفرِدا" أراد: وأفرِدَن، فأبدل من النون الخفيفة الألف كما يجب في قياس الوقف. ويظهر أن قوله: "وأفرِدا" حشو لا يفيد؛ لأنّ كلامه إنما هو في جواز التثنية والجمع، لا في جواز الإفراد؛ إذ هو الأصل. فكيف يقول (وأفردا) لغير حاجة؟
والجواب: أنّه بحسب لفظة لابد منه؛ لأنّه لما قال: (وثن واجمع غيره) لم يُفهَم له منه إلا التزام التثنية والجمع؛ إذ لم يأت بلفظ التخيير كما فُهم له لزوم التوحيد في المصدر المؤكد بقوله: "فوحد" فإن الأمر محمول على الوجوب، فيعطي انحتام المأمور به فلما كان قوله: "وثن واجمع" يعطي ذلك أتى بقوله: "وأفردا" ليحصل جواز الأمور الثلاثة فلا حشو إذًا في كلامه.
ثم قال:
وحذف عامل المؤكد امتنع ... وفي سواه لدليل مُتسَّع
هذا ابتداء فصل يذكر فيه ما لا يُحذ ف من عوامل المصدر وما يُحذف، وأنّ ما يُحذَف على قسمين: قسم لا يجوز إظهاره، وقسم يجوز إظهاره، فبيّن أولًا أنَّ