مشتقًا من المصدر على وجه آخر، كالتعلّم والاستعلام، فإنهما مشتقان من العلم، ولبسط هذا موضع آخر من علم الاشتقاق. والناظم قد أشار هنا إلى خلاف في الاشتقاق، أعني في اشتقاق الفعل والصفة من المصدر، وارتضى أنهما مشتقان منه. والخلاف في الفعل غير الخلاف في الصفة، فأمّا الفعل فمذهب البصريين فيه ما ذهب إليه، وذهب الكوفيون أن المصدر هو المشتَق من الفعل، وبيان رجحان ما ارتضاه من وجوه ذكر منها في الشرح جملة: أحدها: أن المصدر كثُرَ كونه واحدًا، والأفعال ثلاثة ماض وأمر ومضارع، فلو اشتُق المصدر من الفعل لم يخْلُ أن يشتق من الثلاثة، أو من بعضها. واشتقاقه من الثلاثة محال، واشتقاقه من واحد منها يستلزم ترجيحًا من غير مرجح؛ فتعين اطِّراح ما أفضى إلى ذلك.

والثاني: أن المصدر معناه مفرد، ومعنى الفعل مركب من حدث وزمان، والمفرد سابق للمركّب، والدالّ عليه أولى بالإصالة من الدالّ على المركب.

الثالث: أنّ مفهوم المصدر عام، ومفهوم الفعل خاص، والدال على العام أولى بالأصالة من الدال على الخاص.

الرابع: أنّ كل ما سوى المصدر والفعل من شيئين أحدهما أصل والآخر فرع فإن في الفرع منهما معنى الأصل وزيادة، كالتثنية والجمع بالنسبة إلى الواحد، والفعل فيه معنى المصدر وزيادة تعيين الزمان، فكان فرعًا، والمصدر أصلًا.

الخامس: أن من المصادر ما لا فعل له لفظًا ولا تقديرًا، وذلك ويح، وويل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015