لقرب الجوار، وقال امرئ القيس:

كان أبانًا في أفانين ودقه ... كبير أناسٍ في بجادٍ مزمل

وهذا كله ليس بضرورة، فإذا كان ذلك موجودًا في الكلام مع فساد المعنى لو اعتبر اللفظ وكان ذلك مراعاةً لمناسبة الجوار، فأولى أن تعتبر الجوار مع صحة المعنى.

والرابع: أن إعمال الأول يلزم منه توالي حروف الجر نحو نبئت كما نبئت عنه عن زيد، وذلك غير مستحسن، والعطف على الجملة قبل إتمامها، وذلك لا يحسن، والفصل بين العامل ومعموله بجملة أجنبية، وذلك قبيح في غير هذا الباب، وكذلك في هذا الباب.

والخامس: أن اتصال العامل بما عمل فيه هو الأصل، وذلك فيما اختاره البصريون موجود، ومفقود في المذهب الآخر. والسادس: أن إعمال الآخر أخصر مع بلوغ أقصى الحاجة من الكلام، إذ تحذف من الأول الفضلة، فتقول: ضربت وضربني زيدٌ، وأعطيت وأعطاني زيدٌ درهمًا بخلاف ما إذا أعملت الأول فإنه مؤدٍ إلى الطول الذي لا يحتاج إليه، ومبنى كلام العرب على الاختصار والاكتفاء بالإشارة والرمز إلا في المواضع التي لا تجد فيها بدًا من البسط مع أنها تعمل الاختصار في أثنائه، وإذا كان كذلك فينبغي أن يكون الأولى في مسألتنا ما كان موافقًا لهذا الأصل، وهو إعمال الأخير ولاسيما إن كثرت العوامل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015