وعلى آل إبراهيم. ثم يبقى النظر في ترجيح أحد الوجهين على الآخر فقال:

والثان أولى عند أهل البصرة ... واختار عكسًا غيرهم ذا أسرة

قوله: "والثان أولى" أراد الثاني فحذف الياء، ويعني أن أهل البصرة اختاروا من الوجهين الجائزين إعمال الثاني، واختار غيرهم العكس، وهو إعمال الأول.

فإن قيل: كيف تنزيل العكس هنا؛ إذ معناه تصيير أول الكلام آخرًا، وأخره أولًا مع استقامة الكلام، وهذا التعريف أعم من تعريف أهل المنطق.

قيل: تحقيقه يتبين بأن تظهر ما حذف من الكلام الأول في قوله: "والثاني أولى" لأنه يريد أولى من الأول، فعكس هذا أن نقول: الأول أولى من الثاني، وهو مذهب غير أهل البصرة، فوجه ما ذهب إليه أهل البصرة أوجه: أحدها: كثرة إعمال الثاني: وقلة إعمال الأول حتى إنه يكاد لا يوجد في غير شعر، بخلاف الأول فإنه قد جاء في القرآن، بل لم يجئ به إلا هو- كما تقدم- والسماع هو المتبع.

والثاني: أن الثاني من العاملين أقرب إلى المعمول فكان أولى به مما بعد عنه، وهو الأول كما قالوا: خشنت بصدره وصدر زيد، بخفض الصدر حملًا على الباء لأنها أقرب إليه من الفعل الذي هو خشنت، وزعم سيبويه أن ذلك وجه الكلام، والحمل على خشنت ونصب الصدر دون ذلك. والثالث: أنهم قد اعتبروا الجوار مع فساد المعنى، فقالوا: هذا جحرضب خرب، فحملوا الخرب على الضب، وهو في المعنى للجحر لقرب الجوار، وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} بخفض المتين حملًا على القوة، والمعنى لذو؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015