بالمجرور، وكذلك الفعل المنوي في: انته أمر قاصدا، ونحو ذلك. وإذا ثبت معنى الحذف فقولك: ضربت/، وأكرمت، وما أشبههما من قبيل ما يطلق عليه أنه حذف مفعوله اصطلاحا، لأن معنى ضربت يطلب مضروبا هو زيد، أو عمر، أو خالد، أو غيرهم، ولا يضر كون المفعول مثلا لم يقصد ذكره، أو قصد ترك ذكره فمنع منه عارض، فلذلك أطلق الناظم القول بالحذف هنا، ولم يعتبر ما يقصده المتكلم في ترك ذكره من تضمين الفعل معنى فعل لازم، أو قصد المبالغة أو اعتبار بعض الأسباب الباعثة على ترك ذكر الفاعل في: ضرب زيد، ونحوه فإن ذلك كله طارئ على أصل الوضع، وكلام النحويين ونظرهم إنما هو في أصل الوضع، أما البياني فينظر في مقاصد الحذف بعد تسليم نظر النحوي، إذ لا تنافي بينهما؛ ولذلك جمع ابن مالك في التسهيل بين النظرين فقال: "وما حذف من مفعول به فمنوي لدليل أو غير منوي، وذلك إما لتضمين الفعل معنى يقتضي اللزوم، أو للمبالغة بترك التقييد، أو لبعض أسباب النيابة عن الفاعل" فتأمل كيف جمع بين اعتقاد حذف المفعول، واعتقاد التضمين لمعنى الفعل اللازم، وهما في الظاهر متنافيان لكن إذا ردا إلى الأصول علم أن اعتقاد التضمين يكون مع تناسي الأصل، ولا يتناسى الأصل جملة بل هو ملحوظ من طرف خفي، وكذلك الوجهان الآخران لا تنافي بينهما عند التحقيق، وفي علم أصول العربية شفاء الغليل في أمثال هذه المسائل، وكثيرا ما يخفى هذا الأصل على الشادين في علم العربية بل على من يدعي فيها التحقيق، فلقد وقع في كتاب مغني اللبيب لابن هشام- هذا المشرقي المتأخر- خلاف ما تقدم فقال: "وقد يظن أن الشيء من باب الحذف، وليس