الفعل في حكم المتعدي إلى واحد حيث كان أصل الثاني حرف الجر، فكان غير داخل في ترتيب المفعولين؛ فلذلك لم يذكره. والله أعلم.
وحذف فضلة أجز إن لم يضر ... كحذف ما سيق جوابا أو حصر
مراده: أن يبين ما يحذف من الجملة الفعلية، وما لا يحذف، وقد تقدم أن الفاعل لا يجوز حذفه وحده أصلا، وإنما يحذف مع فعله إلا أن ينوب عنه المفعول، فيصير إذ ذاك عمدة، فلا يجوز حذفه فإنه نائب ما لا يجوز حذفه، فبقي المفعول والفعل. أما المفعول فقال فيه: "وحذف فضلة أجز" يعني أن كل فضلة وقعت في الكلام وذلك المفعول، وما أشبهه من المجرورات فجائز حذفها سواء كانت مفعولا واحدا أو اثنين، فتقول: ضربت، وأكرمت، وأهنت وفي التنزيل: {فأما من أعطى واتقى} وقوله تعالى: {قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء} وقوله: {فسقى لهما} ويقال: فلان يعطي ويمنع، ويصل ويقطع.
وقال تعالى: {وأنه هو أضحك وأبكى، وأنه هو أمات وأحيى ... وأنه هو أغنى وأقنى} وهو كثير جدا. وكذلك نقول: مررت، وعجبت، ونصحت، ووهبت، وأمرت، واخترت، وأعرضت، ورغبت، وما أشبه ذلك. وعبر عن ذلك بالفضلة؛ لأن المفعول والمجرور، وكذلك الظرف قد تكون عُمَدا تقام مقام الفاعل فلا يجوز حذفها فلو قال: "وحذف مفعول أجز" لكان غير صحيح لشموله المفعول المُقام فكان تحرزه بالفضلة حسنا، ولم يشترط هنا في الحذف فهم المعنى كما اشترط ذلك في باب ظن حيث قال: