والرفعُ يُختارُ من وجهٍ آخرَ ترافعا أحكامَ الاختيار فثبتا على التساوي, فلذلك قال: ((فاعطفن مُخَيّرًا)) إذ ليس لك انْ تُرَجِّحَ الرفعَ على النصبِ, ولا العكس؛ لأنّ كلَّ وجه من الترجيح معارضٌ بضده في الوجه الآخر. ومما جاء في السماع من ذلك قول الله تعالى: {والنَّجْمُ والشّجرُ يَسْجُدَانِ والسَّماءَ رَفَعَها} فنصب السماء باعتبار يسجدان, ولو اعتبر أوّلَ الجملة لجاء {والسماءُ رفعها} وقد قَرَأ كذلك أبو السمّال, وفي القرآن أيضًا: {والشَّمْسُ تَجْرِي لمُسْتَقرٍّ لها ذلك تقديرُ العزيزِ العليم/ والقَمَرَ قدرناهُ مَنَازِلَ} قرأ الحَرَميَّانِ وأبو عمرو بالرفع في (القمر) , وباقي السبعة بالنصب, فالرفع على اعتبار {والشمسُ تجري} والنصب على اعتبار {تجري}.
ولم يذكر لاستواء الوجهين إلّا موضعًا واحدًا, وزاد غيرُه بعض المواضع, فمن ذلك ما تقدّم في (ما) ولا- من قول ابن خروف, وابن أبي الربيع ودعواهما على سيبويه أنّه ظاهر كلامه, وليس على الناظم به دركٌ حسب ما مرَّ.
ومن ذلك أنّك إذا قلتَ: أزيدًا مررتَ بأخيه؟ فالرفعُ والنصب ههنا مستويان. نصّ عليه ابن كيسان في الحقائق, ومال إليه بعضُ المتأخرين من جهة ضَعفِ نصب السابق مع السببيّ المخفوض؛ إذ كان: زيدًا ضربتُ أخاه أضعفَ من: زيدًا ضربتُه, وزيدًا مررتُ بأخيه أضعفَ من: زيدًا ضربتُ أخاه, فإذا قد