أنْ يلي الفعلُ الظرفَ, فتقول: حيثُ تلقى زيدًا يُكرِمُك, فإنْ قدّمتَ الاسم وشغلت الفعلَ, فالأولى النصب؛ ليكونَ واليًا للفعل في التقدير, ويجوز الرفع - وهو مرجوح؛ لأنّ حيثُ إذا وقع بعدها الفعلُ طلبه ليُضافَ إليه مباشرةً. وإنّما جاز الرفع من حيثُ جاز وقوع المبتدأ والخبر بعده, نحو: حيثُ زيدٌ جالسٌ, وأمّا (إذا) فظاهرُ سيبويه إجراؤها مُجرى حيثُ, وقد خثولف في ذلك فإنّ (إذا) مع الاسم مثل (إنْ) لا يجوزُ فيه إلّا الحملُ على الفعل, قال السيرافي, ويُقوّيه في إذا امتناع: اجلس إذا عبدُالله جالسٌ, بخلاف حيثُ)) وقد احتجّ عن سيبويه بالفرقِ بين إذا وإنْ, وهو العمل وتركه وإنْ اجتمعا في معنى المجازة$ كما أنّ لو فيها معنى المجازاة, ومع ذلك تقول: لو أنّك قائمٌ, فيكون أنّ في موضع مبتدأ, والفعل الذي بعد أنّ يُصحّح لها معنى المجازاة, وعلى الجملة إذا فرضنا أنّ الناظم رأى في إذا هذا الرأيَ فقد دخلت مع حيثُ من حيثُ دخلتْ همزةُ الاستفهام, وما, وغير ذلك. وإنْ كان رأيه في إذا رأي الآخرين- وهو الظاهر منه في باب الإضافة- فلا يكون داخلًا له في كلامه هنا/ ويدخل له حيثُ بلا شكّ فلا اعتراض به.
وأمّا الموضع الثالث فهو ممّا انفرد بإدخاله هنا من أجلِ أنّ جماعةَ القرّاء اختاروا في الآية قراءة النصب, ووجّه لهم ذلك برفع ذلك الإبهام المحذور, لا أنّه كذلك في كلام العرب, وأنّ العربَ تختارُ مثلَ ذلك برفع ذلك الإبهام؛ لأنّ القرآن وكلام العرب قد يأتي على الإبهام وعدم البيان لمقاصدِ معروفةٍ في علم البيان, فلم يستقرّ هذا الذي اعتمده ابنُ مالك مرجّحًا للحَمْلَ على الفعل؛ إذ