وللكلام هنا مجالٌ أوسع من هذا, والمقصود إنّما هو التنبيه على أنّ سيبويه غيرُ صريح في مخالفة الجماعة, وإنْ كان له ظهورٌ فيها, والناس في يختلفون؛ فلأجل هذا الخلاف قال الناظم: ((فالرفع التزمه أبدًا)) فأكّدّ, وقرّر أنّه غير مرتضٍ لذلك الظاهر؛ وذلك لبُعْدِه عن كلام العرب, وبُعد تأويله, ولكنّ الذي تحصل من الجميع/ أنّ ما أكّدهُ الناظم من الحكم صحيحٌ عند الجميع غير ظاهر سيبوي.
والثاني من موضعي وجوب الرفع: أنْ يفصلَ بين الاسم السابق والفعل المشغول عنه ما يمنع من عمله فيه لو لم يشتغل عنه, وذلك قوله: ((كذا إذا الفعل تلا ما لن يرد)) إلى آخره يعني: أنّه يجب رفعُ السابق أيضًا إذا وقع الفعلُ بعد أداةٍ لا يكون ما قبلها معمولَ ما بعدَها, فقوله: ((كذا إذا الفعل تلا)) أي تبع, وما واقعة على الأداة الفاصلة بين السابق والفعل, وهي موصولة صلتها لن يرد إلى آخره, وما الثانية فاعلةٌ بيَردِ, وقبلَه صلتها, وما الثالثة مضافٌ إليها معمول, وهي واقعة على الفعل المشغول وما حلّ محلّه وصلتها (وُجِد) , و (بعد) متعلّق بوُجِد, والتقدير: كذا إذا تلا الفعلُ المشغولُ حرفًا لن يرِد الاسمُ الذي قبله معمولًا للفعل الذي وُجدَ بعده. ولهذا الموضع أمثلة كثيرة نكتفي منها بعشرة: أحدها: أن يَفْصِل بين الفعل والاسم السابق ما التعجبيّة, نحو: زيدٌ ما أحْسَنَهُ, فإنّ (ما) هنا لها صَدْرُ الكلام, فلو فُرِضَ جواُ تقدّم معمول الفعل عليه لمنعته ما.
والثاني: أن يفصل اسمٌ موصول, نحو: زيد الذي ضربتُه, فلا يجوز نصبُ زيد؛ لأنّ معمول الصلّة لا يتقدّم على الموصول, وكذلك زيد أنا الضارِبُه.
والثال: الحرف الموصول كقولهم: أَذَكرٌ أنْ تَلِدَهُ ناقتُك أحبّ إليك أم أنثى؟ فَذَكرٌ يجب رفعُه؛ لأنّ المشغول عنه في صلة أنْ, ولا يتقدّم معمولُ