الجميع, وهو دليلٌ قاطعٌ.

وأما مخالفةُ إجماعهم فهو أشدُّ إن ثبتَ أنّ العريبَ لا يقول أحدٌ منهم بقوله, ولكن يُجاب عنه بأمرين بناءً على أنّه حجةُ خلافًا لابن جنى$ فإنّه لم يوافق في تلك المخالفة حسب ما تبيّن في الأصول, فأحد الأمرين: أنّ هذا الغجماع منازع في أصله ابتداء؛ فإنّ الفارسي نقل في التذكرة عن المبرّد عين ما نُقل عن ابن العريف, وأيضًا فإنّ غايته إن ثبت أن يثبتَ بنقل الواحد؛ فإنّ نَقْلَ/ الإجماع تواترًا في هذه المسألة غيرُ موجود, وإذا ثبت آحادًا ففي كونه حجةً خلافٌ بين أهل الأصول, فمن الناس من أنكر ذلك كالغزّالي, فلعلّ رأي ابن العريف أو ابن مالك في ذلك هذا الرأي, ومع فرض ذلك لا يكون بالإجماع حجةٌ عليه.

والثاني: أنّ مخالفةَ الإجماع إنّما تكون محذورةً إذا خالفه في إحداث قول بحكم يخالف ما قالوا كما لو أجمعوا مثلًا على امتناع: زيدًا ضربتُه, فخالف هذا المتأخّر وقال بجوازه أو نحو ذلك, وأما إذا أحدث تأويلًا لم يقل به أحدٌ من أهل الإجماع, فهذا ليس بمحذور عند أكثر الأصوليين, ومسألتنا من هذا القبيل؛ لانّهم اتفقوا على صحة: زيدٌ قام, وإنّما الخلافُ في وجه تأويله. فالجميع يقولون: زيدٌ مرفوعٌ على الابتداء وجوبًا, وابن العريف يقول: لا يجب ذلك بل أحملُه على وجهين: على الابتداء, وعلى إضمار الفعل قياسًا على: زيدًا ضربتُه, فلم يخالفهم في حكم بل في تأويل, فلم يكن مخالفًا للإجماع. وهذا ظاهرٌ تنزيلًا على قاعدة الأصول. وبالله التوفيق. فثبت أن مذهب الناظم أرجحُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015