في المعنى, فكان أقربَ إلى الإقامة من غيره. ثمّ قيّد جواز إقامة الثاني بأَمْنِ اللّبس فقال: ((فيما التباسه أُمِن)) يعني أنّه ينوبُ في الكلام الذي أُمن فيه الالتباس, فالمجرور متعلّق بينوب, فإذا أمن اللبس أقيم أحدُهما, أيّ مفعول كام. وإذا عُلشم الأول من الثاني نحو: كُسِيَ ثوبٌ زيدًا, وأُعْطِيَ الدرهمُ زيدًا. وإذا خيفَ اللبسُ لم يُقَم إلا الأولُ, فتقول: في أعطيتُ زيدًا عمرًا, -وعمرو عبدٌ مأخوذ-: أعطِي زيدٌ عمرًا, ولا يجوز أن تقول: أُعطِي عمروٌ زيدُا؛ لأنه لا يتبين أنّ زيدًا هو الآخذ وأنّ عمرًا هو المأخوذ, بخلاف قولك: أُعطِيَ درهمٌ زيدًا, فإنّ الدرهم معلوم/ أنّه المأخوذ وأنّ زيدًا هو الآخذ. وظاهر هذا أنّك لا تُقيم الثاني مع اللّبس وإن التزمت الرُتبَة بأن تقول: أُعطِي زيدًا عمروٌ, إذ منع مطلقًا, كما أطلق الجمهور المنع أيضًا, وهو مما ينبغي أن يُبحث عنه في باب علم وأرى على رأي الناظم فقد قال بعض المتأخرين: ينبغي أن ينظر هل يستظهر على اللّبس بحفظ الرُتبة كما قد عُمل ذلك في التباس الفاعل بالمفعول, فيوضع المرفوع في رتبته من المفعولات حتى يتبيّن بموضعه أنه الأول أو الثاني أو الثال. وما قاله هذا المتأخر مفتقر إلى السماع؛ فإن القول بحفظ الرُتبة إذا التبس الفاعل والمفعول نحو: ضرب موسى عيسى لا يصح أن يبنى إلا على السماع, وإلّا كان وضعًا مستأنفًا فكذلك هنا. وحين أطلق الناس هنا المنع مع اللّبس, ولم يلتفتوا إلى اعتبار الرُتبة كما التفتوا إليها في الفاعل والمفعول, والمبتدأ والخبر دلّ على أنّه غير