بسم الله الرحمن الرحيم
النائبُ عن الفاعل هو الذي يقوم مَقَامه عند غيبته وعدم ذكره مع بناء الفعل له، وهو خمسةُ أنواع: المفعولُ به، والمصدرُ، وظرفُ الزمان، وظرفُ المكان، والجارُ والمجرور. وأولاها بالإقامة المفعولُ به؛ لأنًّه يُقامُ بِغَير شرطٍ بخلاف غيره؛ ولأنَّه لا يقوم غيرُه مَقَامَ الفاعل مع حضوره بخلاف ما عليه المفعول به، إذ يُقامُ وجوباً إذا حضر مع حضور غيره، ولأنَّ غيرَه لا يقوم مَقَامَ الفاعل إلا مع تصبيره مفعولاً به مجازاً، فلما كان أصلُ الباب للمفعول به لهذه الأوجه قدَّمَ الناظمُ ذِكْرَهُ، وجَعَله أصلاً لغيره، ولم يذكر غيره إلا بعد ذلك، فقال:
ينوبُ مفعولٌ به عن فاعلٍ ... فيما له كنِيلَ خيرُ نائلِ
يعني أن المفعولَ به ينوبُ عن الفاعل ولا ينوبُ عنه إلا إذا غاب، وأمَّا إذا حضر فلا اعتبارَ به في النيابة، فقوله «ينوبُ» يُشْعِرُ بأّنَّ الفاعلَ غائبٌ عن الكلام، وقوله «فيما له» (ما) واقعةٌ على أحكام الفاعل المُقَرَّرَةِ في البابِ قَبْلُ، فيريد أنَّه ينوبُ عن الفاعلِ فيما له من الأحوال والأحكام، ويقوم مَقَامَهُ فيها كإسنادِ الفعل إليه، ورفعِه به، واستقلال الكلام به دونَ زيادةٍ، فتقول: ضُرِبَ