فاعلا وإن لم يكن فاعلًا حقيقةً اعتبارًا بما كان منها فاعلًا، ليستَتِبَّ الاصطلح في الباب. ومن ههنا لم يحدّوا الفاعل من جهة المعنى، وإنما حدّوه بأحكامه اللفظيّة، ليدخُلَ في الحدِّ نحو: نِعْم الرجلُ، وما زيدٌ، وما أشبه ذلك. ففي تمثيل الناظم إشارة إلى هذا المعنى.
والوجه الرابع: أَنَّ [في] قوله: «كمرفوعَى أَتَى» ما يشير إلى أنّ من أحكامه الرفع، وأنه هو الذى يقتضيه من أنواع الإعراب، فلا يكون منصوبا ولا مجرورًا. وهذا صحيح؛ فإن الفاعل مرفوعٌ أبدًا. قالوا: واختُصَّ بالرفع، لأنَّ الرفع إِعراب العُمَد، والفاعل عمدة؛ إذا لا يستغنى الكلام عنه. وأما النصب فللفضلات المستغنى عنها، وكذلك الجرّ.
فإن قيل: فيقتضى هذا أن لا يكون الفاعل إلا مرفوعًا، وذلك غير مُطَّرد من أوجه:
منها: أن العرب تقول: كَفَى بالموتِ واعظًا. وفاعل كفى إنما هو الموت. وهذا نظير جَرِّ المبتدأ في قولهم: بحسبك زيد. وقالوا: ما أتأنى مِنْ أحدٍ، وأحدٌ هو الفاعل. وهذا مقيسٌ.
ومنها: أن المصدر/ الموصول قد يضافُ إلى فاعله، بل هو الأكثر فيه، نحو: أعجبني قيامُ زيدٍ، وضربُ زيدٍ عمرًا، وهو أيضا مطرد.
ومنها: أن النّحويّين يقولون: إذا كان معنى الكلام يميّز بين الفاعل والمفعول، جاز في الشعر كثيرًا أن ينصب الفاعل ويرفع المفعول،