الذي كمرفوع أتى، وكمرفوع منيرًا، ثم ثَنَّى على هذا التقدير لأن التثنية لا ترادف إلا العطف بالواو، حسبما هو مبين في موضعه، وإذا ساغ هذا التقدير صح كلامه.

والثانى: أن هذا التعريفَ الجُمْلِىّ اقتضى أن الفاعل إنما يكون اسمًا صريحًا لتعريفه إياه بالاسم الصريح، وهو: زيد، وجهه. وليس ذلك بلازم، بل قد يكون غير صريح، نحو: أعجبي أن تقوم. فأن وما بعدها هو الفاعل، وليس باسم صريح. وكذلك أَن ومعمولاها، نحو: أعجبي أَنّك قائم، وما المصدريّة أيضًا، نحو ما صنعتَ، أى: صُنعُك. ولا يقال: إن مثل هذا قليل لم يُعتّد به، بل هو كثير كطَرد مقيس.

والجواب: أن مثل هذا في حكم الاسم الصريح، ولذلك ترى سيبويه يطلق على الحرف المصدرىّ أنه اسمٌ لقرب تأوّله بالاسم. وأيضًا إذا نظرتَ في الحرف مع ما بعده/ وجدته مع الفعل قبله في الحكم كالاسم الصريح، من حيث حَصَلَ له إسنادُ فعلٍ تام فارغٍ غير مصوغٍ للمفعول مُقَدّم، وإما كان ذلك اعتبارًا بقوة الاسم الصريح. وإِنَّما قصد الناظم بالتمثيل بالاسم الصريح مقتصَرًا عليه التنكيت على الكوفيين القائلين بجواز كون الفاعل غير اسم ولا مقدّرًا باسمٍ، مستدلّين على ذلك بقوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوْا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِيْنٍ}، ففاعل (بَدَا) عندهم الجملة التى هى: {لَيَسْجُنُنَّه}. ومثلُ ذلك: {أَفلم يَهْدِ لَهُمْ كم أهْلَكَنَا/ قَبْلَهُمْ}؛ فلا يصحّ أن يكون (كَمْ) الفاعل، بل الجملة كلُّها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015