المسألة الثانية: أنه رتب السكون مع الحركة رتبتين، فجعل السكون في رتبة الأصالة، وجعل أنواع الحركة في رتبة ثانية تليها قال: (والأصل في المبنى أن يسكّنا) فهذه رتبة، ثم قال: (ومنه ذو فتح) غلى آخره، فهي رتبة ثانية جعلها تلي الرتبة الأوى وهي في الحقيقة ثلاث رتب: رتبة السكون، ورتبة جنس الحركة، ورتبة نوعها، فترك الرتبة الوسطى، وهي رتبة جنس الحركة، ولا بد منها؛ لأن الحركة المخصوصة وهي الضمة أو الفتحة أو الكسرة نائبة بالطبع عن الحركة المطلقة، التي هي أعم من كل واحدة منها، وإنما تركها لبيان معناها بين الرتبتين، وأيضا لما بين أصالة الرتبة الأولى وهي رتبة السكون، اقتضى ذلك فرعية ما عداها وأنها ليست على الأصل، وما خرج عن الأصل فلعله، فإذا التحريك آت لعلة، والضم أو الفتح أو الكسر آت لعلة، وهذا يدعو إلى بيان علل مطلق التحريك وعلل نوعه، فأما علل مطلق التحريك فثماني علل في الغالب.

إحداها: التقاء الساكنين نحو: "أين" و "حيث" و "كيف" و "أمس" إذ لو بنى مثل هذه على السكون لالتقى ساكنان على غير شرطهما، وذلك محذور.

والثانية: كون المبني على حرف واحد، وهو معرض لأن يبتدأ به ولا يبتدأ بالساكن، فحرك لذلك نحو واو العطف وفائه وهمزة الاستفهام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015