ثم قال: (ومنه ذو فتح وذو كسر وضم) أي: ومنه ما خرج عن أصله من السكون فبني على حركة، والحركات إما فتحة نحو: أين، أو كسرة كـ "أمس" أو ضم كـ "حيث"، وأما ما بنى على السكون الذي هو الأصل فنحو "كم" وقد حصل في ضمن هذا الكلام أن أنواع البناء أربعة: وهي الضم والفتح والكسر والسكون، وهي تناظر أنواع الإعراب التي يذكرها بعد هذا.

ثم يبقى في كلام الناظم النظر في مسائل:

إحداها: أن قوله: (والأصل في المبنى) يحتمل أن يكون أراد بالمبنى جميع ما يدخله البناء، عارضا كان أو ازما، فتكون الألف واللام فيه للتعريف الجنسي، وهي التي يراد بها الشمول والعموم كقوله: ((والعصر إن الإنسان لفي خسر)) فيكون معنى كلامه أن الأصل في كل ما دخله البناء ولو في الة ما أن يسكن آخره، ومنه ما يخرج عن هذا الأصل، لأحد الحركات الثلاث، ويحتمل أن يريد بالمبنى ما تقدم ذكره، وهو ما البناء لازم له، فتكون الألف واللام فيه للعهد الذكرى كقول الله تعالى: ((فعصى فرعون الرسول)) فيكون المعنى أن الأصل فيها جرى مجرى الحرف، في لزوم البناء أن يسكن ويخرج عنه ما البناء له عارض، وقد يترجح هذا الاحتمال الثاني بتميله بما هو مبنى بناء لازما كـ "أين" و "حيث"، لكن الأولى أولى؛ لن النحويين إذا ذكروا خروج المبنى من أصل السكون إلى الحركة لعلة مثلوا بالعارض البناء واللازمة، فيبعد أن يكون الناظم ذكر أحد القسمين دون الآخر مع استوائهما في الحكم الذي يذكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015