والائتساءُ ممدودُ، وهو مصدر ائتسى به: إذا اقتدى به واتبعه، والأسوة: القدوة، أى: فهو به ذو اقتداء فى كل حكم. ولا يعنى أنه ذو اقتداءٍ به بمعنى أنه مقيس عليه، وإنما أراد فى تعريف الحكم خاصة.
وبقى هنا فى كلامه مسألة، وذلك أَنّ قوله: «وَإِنْ تعدّيا لواحدٍ بلا هَمْزٍ، .. إلى آخره، يقتضى جواز تعدِّى مثل: عرفتُ زيدًا، بالهمز، حتى يصير به متعدِّيًا إلى اثنين، ويلزم على جواز هذا جواز ما لا يتعدّى أن يتعدّى بالهَمْزِ إلى واحدٍ قياسًا، وهو بذلك أولى من المتعدّى. وقد تقدّم فى أرى وأعلم أنه عنده سماع، فالمتعدّى بنفسه إلى اثنين لا يتعدى بالنقل إلى ثلاثة قياسًا عنده، فمذهبه فى المسألة مذهب ابن خروف، وهو التفرقة. وقيل: إنه لا يجوز قياسًا إلا فيما لا يتعدّى، كقام وأقمتُه، وقعد وأقعدته. وأمّا ما يتعدّى فلا يجوز أن يتعدّى بالنقل، وما جاء من نحو: لبس الثوبَ وألبسته إياه وعلمت زيدًا قائمًا، وأعلمت زيدًا قائما فسماع، ويظهر هذا من سيبويه. وقيل: يجوز قياسًا فى الجميع.
وينتهى التعدّى إلى ثلاثة مفعولين خاصّةً، أعنى التعدّى بالهمزة باتفاق. وهذا رأى الأخفش، وقد تقدم التنبيه عليه، ولم يأت عنه النصّ فى هذا إلّا فى ظنّ وأخواتها، وأُلْزِم على ذلك إجازةَ أكسيتُ زيدًا عمرًا ثوبًا، هو لازم.
ووجه ما ذهب إليه الناظم القياس والسماع، أما القياس فهو أن المتعدّى بالهمزة إنما عدّى بها ليلحق بالمتعدّى بنفسه فى الرتبة التى فوقه، فما لا يتعدّى يلحق بالمتعدّى لواحدٍ بنفسه كضرب، فتقول: أقمته كما تقول: