والوجه الثالث من أوجه الدَّرْك: أن قوله: «وإنْ بِبَعْضِ ذى فَصَلْتَ يُحْتَمَلْ»، حشوُ لا يعطى زيادةً فائدةٍ، علي ما يفهم له من الشطر الذى قبله؛ لأن قوله: «ولم ينفصل بغير ظَرْفٍ، أو كظرفٍ، أو عَمَلْ» يبيّن أن الفصل بها مُحتَمَلْ، فكان الأولى به أن يأتى فى هذا الشطر الثانى بالحكم الذى أغفل، وبيان ما أجمل.
والوجه الرابع: أنه أطلق العبارة فى إجراء القول مجرى الظن، فاقتضى أنه جارٍ مجراه فى جميع ما يتعلّق به من الأحكام المتقدمة، ومن جملتها الإلغاء والتعليق، فكأنه يقول: وَلتَظن اجعَلْ تقولُ فى الإعمال والإلغاء والتعليق وغير ذلك. وهو إطلاق غير صحيح عنده؛ إذ قد نصّ فى التسهيل أن هذا الإلحاق مقتصر به على العمل، لقوله: «وإلحاقه فى العمل بالظن مطلقا لغة سليم» .. إلى آخره/. وما قاله هو القياس والصواب، أما فى لغة سُليم فظاهر؛ إذ لا يشترط فيه عندهم معنى الظن على ما هو الصحيح، والإلغا والتعليق لا يصح معناهما إلا مع أفعال القلوب، وليس القولُ منها، وإن اتفق معناه فى القول فغير معتبر ولا ملحوظ لعروضه وعدم أصالته. وأما فى لغة غيرهم فكذلك أيضا، فلم يتصرّفوا فى القول إذا أشرب معني الظن هذا التصرّف، بحيث يقوم مقام فِعْلِ الظن من كلّ وجهٍ، فليس لأحدٍ أن يفعل به ذلك، هذا وليس فى المسألة سماعُ يرجع إليه، فلا اعتماد على هذا الإطلاق لعدم صحته.