هذا اللفظ. ومن الأول: {وقيل للذين اتقوا: ماذا أنزلَ ربُّكم؟ قالوا خيرًا}. ومن الثاني: {قالُوا: سمعنا فتى يذكُرهُمْ يُقَالُ لَهُ: إبراهيم}، فإبراهيم مرفوع يقال، ولو بنى القول للفاعل لكان منصوبا.
فأنت ترى هذا التفصسل الأكيد لم يذكره على كثرته وعموم البَلْوى به، وذكر لغة سُليم التى يُسْتَغنى عنها لقلتها بالنسبة إلى غيرها.
فإن قيل: قد يؤخذ له حكم الحكاية من مفهوم قوله: «ولتَظُنّ اجْعَلْ تَقُولُ إِنْ وَلِى» كذا؛ لأن معناه أنّ القول يعمل مع توفّر الشروط، فمقتضاه أن الشروط إذا اختلت لم يعمل، وهو معنى الحكاية فيما بعده، فيحصل مرادُه.
فالجواب: أن المفهوم من الكلام ليس ترك الإعمال فقط، بل ترك الإعمال عمل الظنّ، وإذا انتفى عمل الظن بانتفاء شرط لم ينتف الإعمال مطلقا؛ إذ نفي الأخصْ لا يستلزمُ نفى الأعَمّ، لتعدّد ما يبقى من وجوه الإعمال، كإعماله عمل ضرب أو كان إو إنِ، أو غير ذلك من وجوه الإعمال، والإهمال واحد من هذه الوجوه الداخلة تحت المفهوم، فمن أين يتعيّن. وأيضًا فترك الإعمال مطلقًا لا يصحّ؛ إذ القول لا يعرى عن العَمَل إما فى اللفظ إذا وقع بعده المفرد المحض، نحو: حقًّا وقولًا، وإما فى الموضع إذا وقع بعد الجملة أو المفرد فى تقديرها كما تقدم، والقصد هنا تعيين الحكاية، وهى لا تتعيَّن. وأيضا لو تعيَّنت لم يصحّ لما فى الحكاية من التفصيل المذكور.