التسهيل وغيره. وكلامُ سيبويه قد تعلّق به الفريقان معًا. والدليل على ما ذهب إليه الناظم أنّ القائل: ظننت، ولا يخلو أن يكون قصدُه الإخبارَ بمجرد وقوع الفعل فقط، أو الإِخبار به وبما وقع من الجمل، فإن كان القصدُ الأولَ فلا يصحّ؛ إذ المخر بأنه وقع منه ظنٌّ أو علم بمنزلة المخبر بأنّ النار حارة في عدم الفائدة؛ إذ لا يخلو إنسان من ظنٍ مّا أو علمٍ ما، كما لا يخلو إنسان مّا من قيامٍ مّا، والعربُ لا تتكلّم بما لا فائدة فيه: وإن كان القصد الثاني فقد تنزّل الظن من الجملة منزلة قولك: في ظني، فكما لا يجوز لمن قال: زيد منطلٌ في ظني، أن يقتصر على: في ظنى، كذلك لا يجوز لمن قال: ظننتُ زيدًا منطلقًا أن يقتصر على ظننت؛ لأن ذلك نقضُ الغرض. ويظهر هذا المذهبُ من سيبويه في أبواب الضمائر، ولكن ليس بنصٍّ، وإن كان الفارسي وابن خروف قد اعتمداه كالنصّ في منع هذا الاقتصار. وللكلام في بيان رأي سيبويه، والجمع بين ما قال هناك وما قال أول الكتاب، موضعٌ غير هذا. وقد حكى مما يدلّ على الجواز قولهم: من يسمع يَخَلْ، وقولهم: ظننت ذاك، وظننتُ به. وهذا على رأي الناظم ومن وافقه مسموعٌ ومؤوّل.
ولما قال هنا: «بلا دليلِ» اقتضى مفهومُ هذا القيد أنه إن حُذِفا معًا أو أحدهما بدليل جاز، ولا ينبغي أن يُختلف فيه. وقد حُكِى عن ابن ملكون المنعُ منه، والسماع والقياس يردّان عليه، فممّا حُذِف فيه المفعولات معًا