وإنّه بك زيدٌ مأخوذ.
وإما على تقدّر لام الابتداءِ داخلةً على الجملة، وحُذِفت من قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَح مَنْ زَكَّاها}، وهى مرادةٌ في الموضعين، فلذلك عَلّت الفعل في مسألتنا، وبذلك يخرج الفعل مع التقديم عن باب الإلغاء، فممّا جاء يُوهِم الإلغاء مع التقديم قولُ بعض بنى فزارة، وهو من أبيات الحماسة:
كذاك أُدِّبت حتّى صار من خُلُقِى ... أَنِّى رأيتُ ملاكُ الشيمةِ الأدبُ
وقولُ كعب بن زهير في أحد التأويلين:
وما إخالُ لدينا مِنْكِ تَنْويلُ
فالظاهر -لبادى الرأى- أن رأيتُ ملغاةٌ مع التقديم، خلافَ القاعدةِ، لكن يُحمل على تقديم ضمير الشأن، تقديره: أَنّى رأيتُه ملاكُ الشيمة الأدبُ، أو على لام الابتداء، أى: لملاكُ الشيمة الأدبُ. وكذلك: إِدخالُ، يُحمل على ضمير الشأن، والتقدير: وما إخاله لدينا منك تنويل.
فإن قيل: تحرّز الناظم من هذا الشذوذ، وكان يكفيه أن يَسكُتَ عنه جملةً، أو يقول: وشذّ مع التقديم، أو نحو ذلك.
فالجواب: أنه إنما فعل ذلك تنبيها وتنكيتًا على أن ذلك المنفي مذهبٌ لقوم، وأنهم احتجوا على مذهبهم بما ظاهره الموافقة لما زعموا، فنكّت على أن ما اعتمدوا عليه غير معتمد، لحمله على خير ما قالوا بحيث يكون الإلغاءُ مع