استفهام أو غيره، موجود في تقدّم تلك الأداة، لأنك ابتدأت كلامك بالإخبار بالعلم أو الظن، وأما الأداة فداخلةٌ على الفعل، فهى له ومن حيّزه، فيبعد أن يُتْرَك هذا الظاهر ويُعْدَل عنه إلى جَعْلِ الأداة ليست بداخلةٍ على الفعل تقديرًا. هذا وجهُ القياسِ، ويظهرُ من سيبويه حين قال: «وتقول: أين تُرى عبدَ الله قائمًا؟ وهل تُرى ذاهبًا؟ لأنّ هل وأين كأنك لم تذكرهما؛ لأن ما بعدهما ابتداءٌ، كأنك قلت: أَتُرىَ زيدًا ذاهبا، وأتظن عبد الله منطلقًا». وهذا كالنصّ من سيبويه على أنّ الأدوات لا تعتبر، اللهم إلا أن تكون الأدوات معمولة لمعمول الفعل كمتى وأين، فحكمهما في التقديم حكم المعمول فيجوز الإلغاء حسبما نصّ عليه في/ قوله: «فإن ابتدأت فقلت: ظنى زيدٌ ذاهب، كان قبيحا، ولكن متى تظنّ عمرو منطلق، لأن قبله كلامًا» يعنى متعلقًا بالخبر، فكأن المفعول قد تقدم، بهذا فسّره السيرافي وغيره، ثم ترك هل والهمزة، لم يُجزِ فيهما ما أجاز في متى، فكذلك يجرى الحكم في سائر الأدوات.
والثاني: أنّ هذا المذهب هو رأيه في كتبه، فقد نصّ عليه في التسهيل نصًا مطلقًا، ثم بين في الشرح أن قوله:
وَمَا إِخالُ لَدَنياينْك تنويلُ