ومما يرجع إلى ذلك قولُ الآخر، أنشده النّحَوِيون واللُّغَوِيّون:
وما أدرى وسوف إخال أدرى
أقوم آل حصن أم نساءُ
فألغى إخال حتى أدخلها على الفعل لما تقدمها أدارة لغيرها، فإذا يصدق على مثل هذا أن الفعل الملغى غير مبتدِأ به. هذا وإن كان ابنُ مالك لم يرتض هذا المذهب في الشرح، فلا يبعد أن يرتضيه في بعض أوقات النظر، كما تقدّم.
وأما إن أراد بالابتداء بالفعلِ أن يكون قبل المفعولين معًا، فيقتضى أن نحو: هل تظن زيدًا منطلقا؟ ونحو: ما ظننتُ زيدًا منطلقًا، يمتنع فيه الإلغاء لوجود الفعل مقدّما على المفعولين معًا، لكن يردّ عليه اقتضاء كلامه لمنع: متى تظن زيدٌ منطلق؟ وأنّ الإلغاء فيه كالإلغاء في الابتداء لا يجوز البتّةَ. وذلك غير صحيح، بل هو جائز عند النحويين على تقدير تعلُّقِ الظرف بقائم.
فإن أُجِيب بأنّ تقديم المعمول مُؤذِنٌ بتقدّم العامل، فكانّ قائمًا مقدّمٌ على الفعل.
فيقال: فكذلك إذا قلت: ما ظننتُ زيدًا قائمًا؟ النفي فيه والاستفهام مُسَلّطا على المفعول الثاني في أحد التقديرين، فهما يطلبانه بالتقديم، فليكن في جواز الإلغاء مثل: متى ظننت زيد منطلق؟ وهو إيرادٌ يبعُدُ الجوابُ عنه بما يرتضى إلا أن يقال: إنّ الظرف معمولُ، وهل أو ما غير معمول، فهذا غير مُؤَثّر؛ إذ هما مستويان في الطلب المعنوىّ، أو يقال: هذا المحمل أولى لوجهين:
أحدهما: أنّ الوجهَ الّذى لأجله امتنع الإلغاء مع التجريد عن أداة