أحدها: صَيّر الذى نبّه به الناظمُ على جملة النوع، نحو: صيّرتُ الفضة خَلْخَالًا فإن قلت: كيف دخل صيّر في أفعال هذا القسم، وهو إنما ذكره مُشَبِّها به، والمشبّه مباينٌ في الذاتِ للمشبّه به، فكأنه إنما أعطى الحكم للمشبّه خاصة، وبقي المشبّه به مسكوتًا عن دخوله؟

والجواب: أَنّ ما ذكرت هو حقيقة اللفظ، وأما معنى الكلام فصيّر فيه داخلةٌ. لأنّه إذا كان المشبّه داخلًا في الحكم لأجل الشبه فالمشبّه به أولى بذلك الحكم. وهذا ظاهر.

والثاني: جَعَل، في نحو قولك: جعلت الفِضّة خَلْخالًا. وفي القرآن: {فَجَعَلْنَاه هَبَاءً مَنْثُورًا}، {فَجَعلناها حَصِيدًا}.

والثالث: وَهَب، وهو غيرُ متصرِّفٍ، حكاه المؤلِّف عن الأزهرى، عن ابن الأعرابي في قولهم: وَهَبَنِى الله فداءك، أى: جعلني فداءك. إلا أن الظاهر أن الناظم لم يقصد ذكر هذا الفعل لوجهين:

أحدهما: قِلَّتُه في السماع، وأنه إنما سمع في مثل، والأمثال يتكلّم بها على حالها ولا تُغَيّر، فوهب في المثل لا يُنْقَل عن محلّه، فصار موقُوفًا على السماع.

والثاني: أنه لو قصد ذكره لنبّه على عدم تصرّفه، كما نبّه على ذلك في هَبْ وتَعَلَّمْ، فَأَن لم يَفْعَلْ ذلك دليلٌ على عدم القصد إليه، فلا ينبغي أن يعدّ هنا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015