تقول: علمتُ زيدًا أخاكَ.
وكذلك: أبصر: أبصرتُ زيدًا قائمًا. وصادف، نحو: صادفت زيدًا قائمًا. وغادر نحو: غادرتُه سائرًا. وأصاب، نحو: أَصَبْتُه قاعدًا. وضَرَب مع المثل، نحو: {ضَرَبَ الله مَثَلًا عبدًا مَمْلوكًا}. ومن ذلك أعلم وأرى، وأخواتها إذا بُنِيت للمفعول، فإنها تجرى مجرى هذه الأفعال؛ قال السيرافي: كانت متعدّية إلى ثلاثة، أُقِيم واحد منها مقام الفاعِلِ وبقي الآخران كمفعولَيِ الظن في جميع أحكامهما. وكذلك معناها يعودُ إلى معنى ما تقدّم، فَأُعِلمْتُ وأُرِيتُ يعودُ معناهما إلى عَلِمتُ ورَأَيت، ومعنى البوافي إلى معنى هذين الفعلين.
فهذه خمسة عشر فعلًا من هذا الباب لم يذكرها، فكان ينبغي له أن يذكرها، أو يُفْسِحَ لها في عبارته مجالًا حتّى تدخل، ولا يأتى بعبارة تَمْنَع أن يدخل فيها مثل هذا.
والجواب: أنه لم يثبت عنده منها إلا ما ذكر، وإن عدّها بعضُهم إلى نحوٍ من ثلاثين فعلًا؛ قال ابن خروف: زاد بعضهم فيها على ثلاثين، وأكثرها سقِيم. ووجّه ما أشار إليه من سقمها أن المفعول الثاني فيها لا يتعيّن كونُه مفعولا صحيحا، بل هو أظهرُ في الحال للزوم مجيئه نكرةً، وإنما يثبت كونُه مفعولًا إذا كثر مجيئُه معرفةً؛ إذ الحال لا تكون معرفةً إلّا ندورًا مُؤَولًا، فسمع المعلّقةُ بَعينٍ، وعَرَف، وما ذُكِرَ معهما لم يأت لهما المفعول الثانى معرفة، فلم يثبت كونه مفعولًا. وكذلك ألفَى، لم يكثر عنده ذلك كثرته في وَجَد مرادفتها.
وليس كلُّ فعلٍ كانَ فِعْلَ قَلْبٍ يتعدّى إلى مفعولين؛ ألا ترى إلى نحو: تحقّق وتبيّن وفهم، وما أشبه ذلك، كيف لم يتعدّ إلى اثنين. وكذلك عرف وغيره