: إن الحذف شاع لأجل ظهور المقصود بإطلاق، فيكون على هذا منبهّا على ما ذكر من التزام وضع «لا رجلَ» في الموضع الذى يعلم فيه الخبر، فإن كان أراد هذا فقد يُقال به، وأنه مقصود سيبويه من وتبعه. وإن أراد الأول فقد تقدّم وَجْهُه، لكن يَرِدُ عليه سؤالٌ، وهو أنّ العرب في حذف الخبر المعلوم على وجين، كما تقدم، منهم من يلتزم مطلقًا، وهو بنو تميم، ونقل المؤلف ذلك عن طيءَ، ومنهم من لا يلتزمه، وهم الحجازيون، هكذا نقل المؤلف. والذى ينتقل غيره عن بني تميم أنهم لا يظهرون خبرًا مرفوعًا، وإنما يظهرون المجرور والظرف، قاله ابن خروف. وهو ظاهر كلام سيبويه، وإذا كان كذلك فليس الحذفُ هوَ الشائع بإطلاق كما ظهر من هذا النظم، فإنه يعطى أن جميع العرب هذا شأنهم، وذلك غير صحيح، بل فيه تفصيل كما ذكر، فكان من حقّه أن يُبَيِّن ذلك، وقد بيّنه في في التسهيل فقال: «وإذا علم جازَ حذفُه عند الحجازيين، ولم يُلْفظ به عند التميميّنَ».
ويجاب عنه أن الحاص من كلامه في القياس هو مقتضى كلام العرب، لأنه إذا كان بنو تميم لا يلفظون به بإطلاق، والحجازيون لا يلفظون به جوازًا، حصل من ذلك -إِنْ قصد كلم العربَ- أن إسقاط الخبر هو الكثير الشائع، فلا يضر تعيين اللُّغَاتِ إذا كان المحصولُ ما قال.