المازني، فإن الرفع عنده جائز، قال المازنى: «الرفعُ عندى في التمنى جيد بالغ، أقول: ألا غُلامٌ ولا جاريةٌ، كما قلت في الخبر». وقال: أقول في الاستفهام كما أقول في الخبر سواء، أقول: ألا رجلٌ أفضلُ منكَ». قالوا: وشبّهَهُ بقولهم: رحمةُ الله عليه، وغفر الله له. لفظه لفظ الخبر، ومعناه معنى الدعاء، فكذلك هذا. فإذا قلت: ألَا ماءَ باردٌ، فلفظه لفظ: لا ماءَ، وإن كان معناه التمنِّى. فقد يكونُ الناظم نحا نحو هذا المذهب، ولا يلزمه إاذ كان مذهبُه في غير هذا النظم مذهبَ سيبويه أَنْ يكون مذهبَه هنا؛ لأنه نصب نفسه في منصب الاجتهاد، والاجتهاد قد يتغيّر بحسب الأزمان، فيكون للمجتهد الواحد قولان وأكثر من ذلك [فيرىَ في وقت] ما لا يراه في غيره، وقد مضى من ذلك مواضع، وسيأتى منها أُخَر سَيُنَبَّه عليها، إن شاء الله.
والثاني من الأمرين أن يقال: يحتمل أن يكون موافقًا للجماعة، وذلك أنّ لا إذا دخلت عليها الهمزةُ باقيةً على معناها من الاستفهام وإن صحبها مع ذلك معنى الإنكار والتقرير، فهذا الوجه لا فرق فيه بين دخولها على لا وعدم دخولها؛ فكلّ ما جاز في لا قبل دخولها جاء بعد دخولها، من غير فرقٍ. وهذا الوجهُ داخلٌ تحت قوله: «وأَعْطِ لا مع همزة استفهام .. إلى آخره، حيث جعلها للاستفهام.
والوجه الثاني: أن يحدث في الهمزة مع لا معنى التمنى، فكأن معنى الاستفهام قد نُزِع منها، فليست داخلةً تحت كلامه؛ إذ ليست بهمزة استفهام حقيقيةً. وهاهنا وقع الخلاف، فهذا الوجهُ خارجٌ عن كلامه، وإذا لم يتناوله لم يصر بذلك مخالفًا للجمهور، بل هو موافقٌ لهم بإخراجه هذا النوع من تعميم