فإن قيل: تركيبُ العامل مع المعمول مناقضٌ لعمله فيه؛ إذ قد تقرّر في الأصول أنّ من شرط عمل العامل أن لا يكونَ مع معموله كالشئ الواحد؛ ولذلك لم تعمل عندهم الألف واللام.
فالجواب: أنّ ما اشترطوه صحيح، والتركيب مع العمل صحيح أيضًا، ووجه الجمع بينهما غير محتاج إليه هنا. ومن بحثَ عنه وجده. والله أعلم.
والرابعة: أنّه نبّه على أنّ بناء الاسم مع (لا) على الفتح ليس على الضمّ ولا الكسر.
وأيضًا لما كان منصوبًا ووجهه التشبيه بخمسة عشر؛ فإن البناء للتركيب مقتضٍ للفتحة؛ لخفّتها دون الضمّة والكسرة.
في الأصل أرادوا أنْ لا يذهبَ أثرهُ جُملةً، فأبقوه في البناء على مثل حاله في الإعراب؛ لئلا تختلف حاله في حالةٍ عارضة، ولئلّا يزولَ الدليلُ على النصب [في الأصل]. وقول الناظم (كلا حول ولا قُوّة) مثالان لبناء المفرد على الفتح. وكان يكفيه أن يأتي بمثالٍ واحد، ولكنه أتى بالمثالين ليبين بهما أحكامًا، ويفرّع على اجتماعهما/ مسائل؛ فإنه إذا ضمّ الأول إلى الثاني تصوّر فيهما اثنتي عشرة مسألة، يمتنع منها وجهان، وتصحّ العشرة، وكلّ ذلك قد جمعه الناظم في كلامه حسبما يتبيّن بحول الله، وذلك أنّ (لا حولَ) يُتصوّر فيه البناء على الفتح، والرفع لأجل التكرار، والرفع على إعمالها عمل ليس، فهذه ثلاثة أوجه. و (لا قوة) يتصوّر فيه تلك الأوجه الثلاثة، ويزيد وجهًا رابعًا، وهو النصب عطفًا على موضع اسم (لا) باعتبار عملها.