«فتنصبُه بغير تنوين، ونصبُها لما بعدها كنصب إِنّ لما بعدها، وإنّما في التنوين عندهما لأنهما لما ضمّ أحدهما إلى الآخر وجعلا كالشئِ الواحد، حذف التنوين علامة ذلك.
وقيل: حذف للتخفيف، وللشبه بالمركب حقيقةً، وهو مذهب مرجوعٌ من أوجه:
منها: أن ذلك مخالف للنظائر؛ فإن الاستقراء قد قرّر أنّ حذف التنوين من أسماء المتمكنة لا يكون إلا لمانع صَرْفٍ، أو للإضافة، أو لام التعريف، أو كونه في موصوف بابن مضافًا إلى علم، أو لملاقاة ساكن، أو للوقف -الاسم المذكور ليس واحدٌ من هذه الأمور بموجود فيه، فتعيّن أنه مبنىّ، وأنّ ذلك هو السبب في حذف تنوينه. ومنها: أنه قد رُوِى عن العرب: جئت بلا شئَ، بالفتح وسقوط التنوين، والجارَ لا يُلْغِىَ ولا يُعلّق. وتأويلُ كلام سيبويه قريبٌ.
فإن قيل: فهل رأيت شيئًا عمل في شئ ثم صار معه كالشئِ الواحد؟
قيل: نعم، الكاف عاملة في ذا من قولك: كذا، وقد جعلت معها كالشئ الواحد، وكذلك الكاف من كأيّنِ، عاملة في أىّ، وهى معها كالشئ الواحد، وكذلك حبّذَا في قول النحويين حيث كانت حَبّ عاملةً في ذا، ثم صيّرت معها كالكلمة الواحدة، وكذلك كأنّ وبها شبّه الأخفش حبذا. ومثلُه إذا تُتُبِّع موجودٌ، فلا بُعْدَ في المسألة.