«وقليلٌ ذِكْرُ لَوْ». وهذا الذى قاله صحيحٌ محتمل، بل هو الأولى؛ إذ لو أراد الأول لقال: «وقليلٌ فَضْلُ لَوْ»، أو ما يعطى هذا المعنى، فإنما أراد: وقليلٌ ذِكْرُها في الفواصل، والنصُّ من النحويين عليها. وقد تقدّم ما في القرآن من قوله: {أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ}، ومنه أيضا: {وَأنْ لَو استَقَامُوا على الطريقَةِ لأسقيناهُم/ ماءً غدقًا}، ومن بحث وجد من ذلك كثيرًا، فليست بقليلة الوجود في كلامهم العرب. والله أعلم.
وَخُفِّفَتْ كَأَنّ أَيْضًا فَنُؤِى
مَنْصُوبُها، وَثابِتًا أَيْضًا رُوِى
هذا هو الحرف الثالث من الأحرف الثلاثة، وَيعنى أنّ العرب خفّفت أيضًا كأنّ بحذفِ إحدى نونيها، كما خففت أَنّ، وحين خَفَّفُوها نَوَوا منصوبَها، أى: إِنهم قدروا لها منصوبًا هو اسما، ويلزم من ذلك أن يكون لها مرفوع، وهو خبرها. وقد انتظم هذا الكلام ثلاثَ مسائل:
أحدها: أنها مع التخفيف عامِلةٌ بإطلاقٍ، لم تُهْمَلْ كما أُهمِلتْ إِنّ المكسورة، بل أعملت كما أعملت أَنّ المفتوحة. وخلاف البصريين والكوفيين فيها جارٍ. والدليل على إعمالها ظهوره مع إثبات الاسم كما سيذكره، وأيضا فإنّ إنما هى الكاف وإنّ، فقولك: كَأَنّ زيدًا أسدٌ، أصله: إن زيدًا كأسدٍ؛ ذكره سيبويه إشارةٌ وبسطه ابن جني؛ فإذا ثبت الإمالُ في إِنّ ثبت في كأنّ، لأنّها هي.