(فإن) قيل: في ظاهر سياقه تناقضٌ، وذلك أنه قال: «وتلتزمُ اللامُ»، فاقتضى أن السقوط غير موجود، ثم قال: «وربّما استُغْنِى عنها» فاقتضى أها غير لازمة! وشأنه أن يأتى في مثل هذا بلفظ الغلبة أو الشياع فيقول: وتغلبُ اللامُ، أو: وتلحقُ اللام في الغالب أو الشائع أو ما أشبه ذلك. فهذه عبارة معترضةٌ.
فالجواب: أن قصده أمرٌ آخر، وهو أنّ قوله: «وتلزم اللامُ» يريدُ في القياس، فلا يجوز إسقاطها البتّة وإن أُمِنَ اللبس. وقوله: «وربّما استُغنِىَ عنها»، يعنى به في السماع الذى لا يقاسُ عليه. والدليل على هذا القصيد من كلامهم قوله: «وربّما» فجعل النُّدورَ في قسم ما أُمِن فيه اللبسُ، ومواضع أمن اللبس لا توصف بالندور لكثرة القراءة الدالّة، فإنما أراد تعيينن موضع السماع، وأن إسقاط اللام نادِرٌ لا يقاسُ عليه. ولو أراد القياس لم يأت بربّما المقتضية لترك القياس عنده/، وليس قصده كما قال في التسهيل: «وتلزم اللام بعدها فارقةً إِنْ خيف لبسٌ بإنْ النافية». فهذا الكلامُ يقتضى أَنّ إسقاطها بشرط أَمْنِ اللبس قياسٌ، بخلاف كلامه في هذا النظم، فإنّ الظاهر منه لزومُ اللام مطلقًا كمذهب سيبويه وغيره، فخالف ما ذهب إليه التسهيل وشرحه، ومذهبه هنا أصحّ؛ إذ لو كان أمُن اللبس مجوّزًا لإسقاطها عند العرب لكانوا خُلَقاءَ أن يكثر ذلك في كلامهم ويشيع؛ إذ اللام عند ذلك جائزةُ اللحاق لا لازمتُه، فلما لم يكن ذلك، بل حافظوا على إلحاقها مطلقًا، دلّ ذلك على أهم أجروا ما لا لبس فيه على ما فيه اللبس، ليجرى البابُ كلُّه مجرًى واحدًا، كما فَعَلُوا