بإن التي بمنزلة ما التى ينفي بها». وهذا التعليل (قد) يقتضى أنها لا تلزم إذا لم يقع لَبْسٌ، ولكن العرب لم تراع ذلك إلا في النادر، كما هو ذاكره. والفائدة الثالثة: أنها لا تلزم إذا أُعْمِلت، لأنّ الناظم شرط في لزومها إهمالَ إِنّ، فاقتضى مفهُو الشرط أنها إذا لم تُهْمَلْ لا تلزمُ. وذلك صحيح، فتقول: إِنْ زيدًا قائمٌ، وإِنْ زيدًا لقائم. نصّ على ذلك السيرافي وغيره، ووجه ذلك ظاهر، وهو أنها لما أُبقيَتْ مع التخفيف على حكمها مع التثقيل في العمل، أُبِقَى لها أيضًا حكمُ دخول اللام في الخبر، وهو الجواز مع التثقيل، فكذلك يكون مع بقاء حكمه. ثم قال: «وَرُبّما استُغْنَىِ عَنها»، رُبّما إنما يستعملها الناظم في التقليل، والضمير «عنها» عائدٌ إلى اللام. يعنى أنّ اللام الفارقة قد يُستَغنى عنها فلا يؤتى بها، لك بشرط أن يبدو ويظهر مرادُ المتكلم بكلامه ومعتمدُه الذى اعتمده. وذلك الإيجابُ لا النفىُ. وهذا الاستغناء قليلٌ في الكلام، والغالبُ لزوم اللام. وحاصلُ ذلك أنها تسقط إذا أُمِن اللبس بين إِنْ المخففة والنافية بقرينة تدلّ على ذلك، فإذا أُمِن اللبسُ فربّما لم يُؤْتَ باللام نحو قراءة من قرأ: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَا متاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيا}، بكسر لام لما، أى: للذى هو متاع الحياة الدنيا. وفي الحديث: «وأَيمُ الله، إِنْ كَانَ خليقًا للإمارة». وقال معاوية في كعب الأحبار: «إن كان من أحذقِ هؤلاء». وهذا كلُّه نادر كما قال.