اللام مع إِنّ جازَ مع لكنّ. وأما السماعُ فقد قال الشاعر:
وَلَكِنّني مِنْ حُبِّها لَعَمِيدُ
ولا يقال: لو كان قياسًا لوجد في السماع كثيرًا، لكنه لم يُوجَدْ منه إِلّا هذا الشطر، فدلّ على أنه عند العرب مهجورٌ -لأنّا نقول: لا تعتبر القلّة والكثرة في السماع إِلّا إذا كان القياس يدفعه ويعارضه، فأما إذا كان جاريًا على القياس ولم يكن له معارض، فلا يندفع بالقلّة. واعتبر ذلك بمسألة أبى الحسن في شنوءة، في باب النسب، حيث قال فيه شَنَئِىّ -ولم يسمع غيرُه-: هو البابُ كلُّه- فكذلك مسألتنا قد تقدم وجهُ القياس فيها، ولا معارض لذلك، فصحّ القياسُ على ما سُمِع فيها وإن قَلّ.
والجواب عن الأول: أنّ معنى الابتداء فحسبُ، بل لأنها مثلها في التوكيد، ولكنّ بخلاف ذلك. وأيضًا فإنّ معنى الابتداءِ مع لكنّ لم يبق كبقائه مع إِنّ؛ لأنّ الكلام الذى فيه إنّ غير مفتقرٍ إلى شئٍ قله، بخلاف الذى فيه لكنّ فإنه مفتقرٌ إلى ما قبله، فاشبهت أَنّ المفتوحةَ التى أُجمع على امتناع دخول اللام بعدها.
وعن الثاني: أَنّ ما قُلتم من أنّ أصلها «إِنّ» زيدت عليه اللام والكاف فدعوى لا تسمع من غير/ دليلٍ. وأما النَظْرِ بقوله: «لَهِنّكَ مِنْ بَرْقٍ» فيحتمل أن يكون الأصلُ لإنّك، فَأبدَلت الهمزة هاء. وهذا الذي يدّعيه