اختلاف المذهبين، وأىّ ذلك كان فلا يستقيم دخولها في خبر لكن، وذلك لأنها إن كانت لامَ الابتداءِ فإنما حَسُن دخولُها مع إنّ لموافقتها لها في المعنى؛ إذ كلٌّ منهما للتأكيد، وأما لكنّ فمخالفةٌ لها في المعنى. وإن كانت لام القَسَمِ فإنما حَسُن دخولها مع إنّ لأن كلّ واحدةٍ منهما تقع جوابًا للقسم، ولكن مخالفةٌ للّام في ذلك لأنها لا تقع في جواب القسم، فكان الواجب أن لا تدخل في خبر لكن البتّةَ. وأما السماعُ فمعدُومٌ، فلا مستَنَدَ لجواز لحاقها مع لكنّ.
واحتج الكوفيون على صحة مذهبهم أيضا بالقياس والسماع، أما القياسُ فمن وجهين، أحدهما: بقاء معنى الابتداء مع لكنّ كما كان باقيًا مع إِنّ، وبقاءُ معنى الابتداء في إِنّ هو المسوِّغُ لدخولها مع إِنّ، فَلْتَدخُلْ مع لكنّ لوجود ذلك المعنى الجامع بين إِنّ ولكنّ. وأيضًا فإنّ أصل لكنّ إن، زيدت عليها اللام والكافُ، كما زيدت عليها اللام والهاء في نحو:
لَهِنّكَ مِنْ بَرْقٍ عَلَىّ كَرِيم
والحرفُ قد يُزاد عليه في أوّله نحو لَعَلّ، وفي آخره نحو: {فإمّا تَرَينّ}. إلا أن الهمزة حذفت تخفيفًا، كما حذفت عندكم في لن؛ إذ أصلها -على قول الخليل-: لا أنْ. وإذا كان كذلك فلكنّ هى إِنّ في الحقيقة، فكما جاز دخول