وَقدْ يَكُونُ حَذْفُهُ: قد للتقليل أو التحقيق؟ يحتمل هذا ويحتمل ذاك، يحتمل أنها للتقليل ويحتمل أنها للتحقيق، إن أريد الحكم نفسه، هو نفسه في عينه دون اعتبار بالسابق فهي للتحقيق، يعني: الحكم محقق هذا، موجود في لسان العرب أن يحذف الناصب ويكون حذفه واجب، لكن لو نظرنا إلى قوله: وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا الحذف الجائز هنا، فإذا بالحذف الجائز كثير، والحذف الواجب قليل، صارت (قد) هنا للتقليل، وحينئذٍ يكون فيه استعمال الحرف الواحد مشترك في معنيين، وهذا الصواب أنه جائز، عند الأصوليين الصواب أنه يجوز حذف المشترك في معنييه إن لم يكن بينهما تنافي: ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)) نقول: هنا مشترك ولا يجوز حمله على معنيين؛ لأنهما متضادان.

وأما إذا لم يكونا متضادين فالصواب الجواز، وعليه الشافعي رحمه الله تعالى.

وَقدْ يَكُونُ حَذْفُهُ: أي حذف الناصب.

مُلْتَزَمَا: يعني واجباً، كما في باب الاشتغال:

فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ بِفعْلٍ أُضْمِرَا ... حَتْماً

إذاً: باب الاشتغال من المواضع التي يجب فيها حذف الناصب، زيداً اضربه، اضرب زيداً، اضرب هو الناصب وجب حذفه.

والنداء كذلك: يا زيد، أصلها: أدعو زيداً، حذفه واجب؛ لأنه أنيب عنه ياء، وحينئذٍ لا يجمع بين العوض والمعوض.

وكذلك التحذير والإغراء بشرطه، وما كان مثلاً نحو: الكلاب على البقر، يعني: أرسل، الكلاب: هذا مفعول به لفعل محذوف واجب الحذف؛ لأن الأمثال تُحكى كما هي، فلا يجوز تقدير المحذوفات.

إذاً: حذف الناصب نقول: الأصل فيه الجواز إن علم، ثم قد يكون الحذف ملتزماً، بمعنى: أنه واجب لا يجوز ذكره البتة، وهذا في مواضع معدودة.

قال الشارح: يجوز حذف ناصب الفضلة إذا دل عليه دليل، نحو أن يقال: من ضربت؟ فتقول: زيداً، يعني ضربت زيداً، ضربت زيداً ولا تقل: زيداً ضربت؛ للقاعدة السابقة: أن التقدير إنما يكون في محله الأصلي، مكانه الأصلي. التقدير: ضربت زيداً، فحذف ضربت لدلالة ما قبله عليه، وهذا الحذف جائز، وقد يكون واجباً كما تقدم في باب الاشتغال: زيداً ضربته، التقدير: ضربت زيداً ضربته، فحذف ضربت وجوباً كما تقدم.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015