فانكسر الزجاج: هذا مطاوع لكسر، وحينئذٍ نقول: انكسر -الكلام في انكسر لا في كسرتُ-، كسرت الزجاج هذا متعدي لواحد، طاوعه انكسر، يعني: قبل الأثر، أنت كسرت، يحتمل أن هذا لو كسرت الآن، تكسر تكسر قد يقبل وقد لا يقبل، إذا لم يقبل ما صار مطاوعاً، إذا قبله تقول: انكسر الخشب، أو انكسر الزجاج، إذاً صار مطاوعاً، لكن مطاوع لما يتعدى إلى واحد، أما إذا كان متعدياً إلى اثنين فلا.
علمته النحو فتعلم النحو، إذاً: علمته النحو صار متعدي إلى مفعولين، فتعلم، استجاب، فتعلم صار مطاوعاً لما تعدى لاثنين فتعدى لواحد، المطاوع لما تعدى لواحد صار لازماً، ينقص، إن كان متعدياً لواحد طاوعه نَقَص صار لا يتعدى إلى مفعول، إن كان المطاوَع بفتح الواو يتعدى لاثنين؛ المطاوِع ينقص واحد ويصير يتعدى إلى واحد. علمته النحو فتعلم النحو؛ نقص. كسرت الزجاج فانكسر؛ انتهى، لماذا؟ لأنه طاوع متعد لواحد، وهذا الذي قصده الناظم وهو لازم.
إذاً:
.... أَوْ طَاوَعَ المُعَدَّى ... لِوَاحِدٍ كَمَدَّهُ فَامْتدَّا
مد الحبل تعدى إلى واحد، فامتد الحبل؛ انتهى ليس له مفعول، لأنه طاوع واحداً. فلو طاوع ما يتعدى الفعل لاثنين تعدى لواحد كعلمته الحساب فتعلمه.
إذاً قوله: وَلاَزم غيْرُ المُعَدَّى: أي ما سوى المعدى هو اللازم إلا واسطة، ويسمى قاصراً؛ لقصوره على الفاعل وغير واقع وغير مجاوز لذلك، ثم اللازم منهما يستدل على لزومه بمعناه، ومنه ما يستدل على لزومه بوزنه، لو نظرنا هنا في المعنى لأنه ما رتبها:
لُزُومُ أَفْعَالِ السَّجَايَا: هذا بالمعنى،
اقْتَضَى نَظَافَةً أَوْ دَنَسَا أَوْ عَرَضاً: هذا بالمعنى،
افْعَلَلَّ وَالْمُضَاهِي اقْعَنْسَسَا، .. أَوْ طَاوَعَ المُعَدَّى لِوَاحِدٍ كَمَدَّهُ فَامْتدَّا: هذا الظاهر أنه بالوزن.
وَلاَزِمٌ غَيْرُ المُعَدَّى وَحُتِمْ ... لُزُومُ أَفْعَالِ السَّجَايَا كَنَهِمْ
وَكَذَا افْعَلَلَّ: افعلل اقشعر افعلل.
وَالْمُضَاهِي: أي المشابه.
اقْعَنْسَسَا: الألف للإطلاق، واقْعَنْسَسَا الأول نعربه فاعل، أي: المضاهيه اقْعَنْسَسَا، فاقْعَنْسَسَا مضاهي احَرَنْجَمَا، فـ احَرَنْجَمَا هو اللازم هو الذي عناه هنا، يصدق عليه الْمُضَاهِي، ثم اقْعَنْسَسَا وما ألحق به ملحق بـ احَرَنْجَمَا.
وَمَا اقْتَضَى: يعني والذي –فعل- اقْتَضَى: أفاد أو دل.
نَظَافَةً أَوْ دَنَسَا
أَوْ عَرَضاً أَوْ طَاوَعَ المُعَدَّى ... لِوَاحِدٍ كَمَدَّهُ فَامْتَدَّا
قال: كَنَهِمْ، وبعضهم ألحق به حمِق وحمُق، حمِق وحمُق فيه وجهان: إن كان حمُق فلا إشكال، واضح من حيث الصيغة، وأما حمِق بالكسر حينئذٍ نحتاج النظر في المعنى؛ لأنه ليس كل فَعِل يكون لازماً، فباعتبار المعنى الدال على السجية صار لازماً، أما إذا كان حمُق فهو من باب فَعُل، يستدل عليه بجهتين: كونه على وزن فعُل وكونه دالاً على سجية، فاجتمع فيه المعنى والوزن، وأما حمِق فوجد فيه المعنى فقط دون الوزن.
كنهم الرجل إذا كثر أكله، يعني: فرَط وأفرط في الأكل.
وكذا شجُع وجبُن وقبُح وطال وقصُر.