إذاً: بِلاَ فَصْلٍ، وعمرو، بلا فصل، معطوف على جملة فِعْلٍ مُسْتَقِرٍّ، لم يبن على غيره، أَوَّلاَ يعني سابقاً ظرف، قام زيد وعمْرو أكرمته، وعمْراً أكرمته؛ يجوز الوجهان: الرفع على أنه مبتدأ والجملة خبر، وحينئذٍ يكون من عطف جملة على جملة، عطفت جملة: عمرو أكرمته على جملة: قام زيد، لكن هذا فيه نوع خدش، إذا عطفت الاسمية على الفعلية مدلول الفعلية مدلول الفعلية مغاير لمدلول الاسمية، والأولى في التعاطف بين الجمل أن تُعطف الاسمية على الاسمية والفعلية على الفعلية، وأما الفعلية على الاسمية والعكس، هذا خلاف الأصل، حينئذٍ إذا رفعت: وعمرو أكرمت عطفت ماذا على ماذا؟ اسمية على فعلية، وهنا التعاطف بين متناسبين أولى من التخالف، فرجح النصب على الرفع من أجل أن يعطف جملة فعلية على جملة فعلية، تناسب العطف أولى من التخالف، هذه ثلاث صور الآن: وجوب النصب، وأشار إليه بقوله: وَالنَّصْبُ حَتْمٌ، ووجوب الرفع، وأشار إليه بقوله: وَإنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا بِالِابْتدَا يَخْتَصُّ، وجواز الوجهين مع اختيار النصب: وَاخْتِيرَ نَصْبُ، رتبها بالتنازل، وجب النصب، ثم الرفع، ثم جوب النصب ثم رجحان النصب، ثم سيذكر الآن استواء الأمرين من أعلى إلى أسفل، وجوب النصب ثم رجحان النصب ثم استواء النصب مع غيره، وقيل: فرَّق بين هذه بوجوب الرفع لما ذكرناه من أجل تتميم القسمة، والصبان يرى أنه ذكره أصالة، وإنما امتنع النصب لمانع، وهذا لا يُخرج عن باب الاشتغال والأولى ما ذكرناه.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً مُخْبَرَا ... بِهِ عَنِ اسْمٍ فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا
وَإِنْ: حرف شرط.
تَلاَ: فعل ماضي فعل الشرط.
تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً: فِعْلاً: هذا مفعول به.
مُخْبَرَا: هذا نعت لفعل.
بِهِ عَنِ اسْمٍ: جار ومجرور في الموضعين متعلق بقوله: مُخْبَرَاً، مخبراً به عن اسم.
فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا: هذه هي الصورة أو القسم الخامس مما يجوز فيه الوجهان: الرفع والنصب مع استواء الطرفين، يعني لا نقول: هذا أرجح من ذاك، وهذا ما يعبر عنه بالعطف على جملة ذات وجهين، يعني: كبرى ذات وجهين، الجملة عند النحاة تنقسم إلى كبرى وصغرى، الكبرى هي التي وقع الخبر فيها جملة، زيد قام أبوه، زيد: مبتدأ، قام أبوه: فعل وفاعل، والجملة خبر المبتدأ، كل الجملة نسميها كبرى، كل الجملة من المبتدأ والخبر نسميها كبرى، جملة قام أبوه من قولك: زيد قام أبوه صغرى؛ لأنها وقعت خبراً لمبتدأ، قام زيد؟؟؟، زيد قائم لا توصف بكونها صغرى ولا كبرى، وإنما الجملة المركبة هي التي توصف بكونها كبرى أو صغرى، زيد قام أبوه، نقول: هذه يعبر عنها بأنها ذات وجهين، بمعنى: أنها اسمية الصدر فعلية العجز، صدرها وهو المبتدأ اسم، وعجزها الذي هو خبرها فعل، فهذه ذات وجهين.
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ: يعني وقع المعطوف جملة ذات وجهين غير تعجبية، يعني: اسمية الصدر فعلية العجز.