بِفعْلٍ أُضْمِرَا: إضماراً الألف هذه للإطلاق.

حَتْماً: يعني: واجباً.

مُوَافِقٍ: ذلك الفعلُ المضمر لما قد أظهرا, إما لفظاً ومعنىً, مثل: ضربت زيداً ضربته, نقول: هذا موافق للملفوظ به في اللفظ والمعنى, وإما معنىً دون لفظ زيداً مررت به, هل يصح أن أقول: مررت زيداً؟ يمتنع هذا؛ لأنه لا يتعدى بنفسه, فزيداً منصوب لكنه لا يمكن أن يكون منصوباً بـ (مرَّ) لأن (مرَّ) لا يتعدى بنفسه, وإنما نفسره بلفظ موافق لـ (مرَّ) في المعنى, جاوزت زيداً مررت به, والمجاوزة والمرور بمعنى واحد, جاوزت وهذا يتعدى, جاوزت زيداً مررت به, فسرناه من معناه دون لفظه, لا بد من هذا، إذ تقديره جاوزت زيداً مررت به, ويشترط في الفعل المفسِّر ألا يفصل بينه وبين الاسم السابق, كما ذكرناه, زيداً ضربته لا يصح زيداً أنت ضربته, لا يفصل بينهما.

فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ بِفعْلٍ أُضْمِرَا ... حَتْمَاً مُوَافِقٍ لِمَا قَدْ أُظْهِرَا

قال ابن عقيل: الاشتغال أن يتقدم اسم ويتأخر عنه فعل قد عمل في ضمير ذلك الاسم أو في سببيه, المراد بالسبب المضاف, اسم ظاهر يضاف إلى ضمير يعود إلى الاسم المتقدم, حينئذٍ الضمير الذي يعمل فيه الفعل, إما أن يعمل فيه مباشرة ضربته, وإما أن يتعدى إليه بحرف الجر مررت به, وإما أن يعمل الفعل في اسم ظاهر مضاف إلى ذلك الضمير (زيداً ضربت أخاه) أو مررت بغلامه أو ضربت غلامه حينئذٍ نقول هذا له حكم واحد.

فمثال المشتغل بالضمير زيداً ضربته وزيداً مررت به, ومثال المشتغل بالسبب زيداً ضربت غلامه, وهذا هو المراد بقوله: إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ .. الخ، والتقدير -تقدير البيت-: إن شغل مضمر اسم سابق فعلاً عن ذلك الاسم بنصب المضمر لفظاً، يعني تعدى الفعل إليه بنفسه, هذا مراده, تعدى إليه الفعل بنفسه, نحو: زيداً ضربته, أو بنصبه محلاً يعني تعدى الفعل إليه بالحرف, نحو: زيداً مررت به, فكل واحد من ضربت ومررت اشتغل بضمير زيد, لكن ضربت وصل إلى الضمير بنفسه, ومررت وصل إليه بحرف الجر, فهو مجرور لفظاً, -هذا غريب-, فهو مجرور لفظاً ومنصوب محلاً, في اللفظ لا يقال بأنه مجرور لأن الجر هو الكسر, والكسر هنا محلي وليس بلفظ, مررت به, به الكسرة هذه ليست كسرة جر, وإنما هي كسرة بناء, فقوله: فهو مجرور لفظاً ومنصوب محلاً, وكل من ضربت ومررت لو لم يشتغل بالضمير لتسلط على زيد كما تسلط على الضمير, فكنت تقول: زيداً ضربت, إذا أسقطت الضمير, زيداً ضربت, فتنصب زيد ويصل إليه الفعل بنفسه كما وصل إلى ضميره, وتقول بزيد مررت, فيصل الفعل إلى زيد بالباء كما وصل إلى ضمير، ويكون منصوباً محلاً كما كان الضمير.

وقوله: فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ .. الخ, معناه أنه إذا وجد الاسم والفعل على هيئة مذكورة فيجوز لك نصب الاسم السابق, واختلف النحويون في ناصبه, والمشهور أنه الفعل المحذوف وجوباً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015