خُفتَ الفعل هنا مغير الصيغة، يتعين عند الناظم أن نأتي بالضمة أو الإشمام، ولا يجوز خِفت؛ لأن خِفت هذا مسند إلى الفاعل، فإذا قلت: خِفت على الأصل في اللغة، أنه يجوز إخلاص الكسر في مغير الصيغة، حينئذٍ التبس ومعلوم أن القاعدة الكبرى عند العرب دفع الإلباس، وهذه قعد بها حتى في الأشباه والنظائر السيوطي وفرع عليها مسائل -دفع الاجتناب والإلباس هذا من أغراض القواعد العامة في لسان العرب-، حينئذٍ وجب العدول عن خِفت إلى خُفتَ دفعاً للإلباس.
وطُلتُ: أي غلبته في المطاولة يجتنب فيه الضم لئلا يلتبس بطُلت المسند الفاعل من الطُول ضد القصر، إذاً كل ما احتمل أنه إما مسند إلى الفاعل أو نائب الفاعل وجب العدول إلى غيره.
وَإِنْ بِشَكْلٍ خِيفَ لَبْسٌ يُجْتَنَبْ: يُجْتَنَبْ ظاهر كلامه وجوب اجتناب الشكل الملبس، يعني يجب ولا يجوز استعماله، هذا رأي الناظم وهو الظاهر، وقد صرح به في شرح الكافية، وظاهر كلام سيبويه: جواز الأوجه الثلاثة، -ولو وقع لبس، هذا مذهب سيبويه،- وظاهر كلام سيبويه جواز الأوجه الثلاثة مطلقاً، ولم يلتفت لالتباس لحصوله في نحو: مختار وتضار ((غَيْرُ مُضَارِ)) -هذا يجوز، فهذا من المجمل عند الأصوليين-في الاسم والفعل والاجتناب أولى وأرجح، عند سيبويه لا يجب وإنما هو أولى وأرجح، وهذا مذهب الكثير من النحاة، الجمهور على هذا تبعاً لسيبويه، إذَا قَالَتْ: حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا، هذه حجتهم.
وابن مالك رحمه الله تعالى يرى أنه إذا وقع اللبس حينئذٍ قاعدة العرب المطردة أنه يجب دفع اللبس، وهذا من حيث التأصيل قياسه هو السليم، أنه يجب ترك ما يلبس بغيره، ورأي سيبويه أنه موجود في مضار، وتضار، لكن هناك ضرورة لا بد منه.
وَإِنْ بِشَكْلٍ خِيفَ لَبْسٌ يُجْتَنَبْ.
قال ابن عقيل: إذا أسند الفعل الثلاثي المعتل العين بعد بنائه للمفعول -أيضاً المعل- العين-؛ لأن القاعدة ما زالت فيما سبق: وَاكْسِرْ أَوَ اشْمِمْ فَا ثُلاَثِيٍّ أُعِلّ جوَّز لك ثلاث لغات، ثم قد يقع اللبس في بعضها، قال: وَإِنْ بِشَكْلٍ من الأشكال الثلاثة السابقة فالحكم ما زال بفاء الثلاثي المعلّ.
بعد بنائه للمفعول إلى ضمير متكلم أو مخاطب أو غائب فإما أن يكون واوياً أو يائياً.
قال أو باع إما هذا وإما ذاك.
فإن كان واوياً نحو: سام من السَوم وجب عند المصنف كسر الفاء أو الإشمام، إذاً وجب اجتناب الضم، إذا كان واوياً وجب اجتناب الضم؛ لأنه إذا أسند في الفاعل بقي على أصله وهو الضم.
وعُدِل إلى الكسر أو الإشمام، فتقول: سِمت ولا يجوز الضم فلا تقول: سُمت؛ لأن سُمت هذا مبني للفاعل، وإذا أردت البناء للمجهول أو مغير الصيغة تقول: سِمتُ؛ لئلا يلتبس بفعل الفاعل فإنه بالضم ليس إلا: سُمتُ العبد، وإن كان يائياً نحو باع من البيع وجب عند المصنف اجتناب الكسر؛ اليائي وجب اجتناب الكسر؛ لأنه هو الذي يقع اللبس مع الفاعل، والواوي وجب اجتناب الضم؛ لأنه الذي يقع الالتباس مع الفاعل.
وجب عند المصنف ضمه أو الإشمام فتقول: بُعت ولا يجوز الكسر فلا تقول: بِعت لئلا يلتبس الفعل بالفاعل فإنه بالكسر فقط نحو: بِعت الثوب.
لكن لو وجد قرينة ما المانع! بِعتَ يا عبد.