الرابع: أن يكون الفاعل جمعاً على التفصيل السابق.

ثم قال:

وَالأَصْلُ فِي الْفَاعِلِ أَنْ يَتَّصِلاَ ... وَالأَصْلُ فِي الْمَفْعُولِ أَنْ يَنْفَصِلاَ

وَقَدْ يُجَاءُ بِخِلاَفِ الأَصْلِ ... وَقَدْ يَجِي الْمَفْعُولُ قَبْلَ الْفِعْلِ

هذا أراد أن يبين علاقة المفعول بفاعله من حيث التقديم والتأخير.

الأصل في الفاعل أن يتصل بعامله؛ لأنه جزء منه كما سبق، إذا قلت: ضرب زيد. والأصل في المفعول أن ينفصل عن العامل بالفاعل، هذا الترتيب المنطقي العقلي، تأتي بالعامل أولاً والحدث ثم الذي فعل الحدث ثم الذي وقع عليه الحدث، هذا الذي جاء في لسان العرب وهو الذي يوافقه المنطق السليم، ولذلك قال:

وَالأَصْلُ فِي الْفَاعِل أَنْ يَتَّصِلاَ

يتصل بالفعل، ليس المراد أن يتصل كالضمير البارز لا، المراد ألا يفصل بينهما فاصل، ألا يقع المفعول بينه وبين عامله، فلا يقال: ضرب عمْراً زيد.

وَالأَصْلُ: هذا مبتدأ.

فِي الْفَاعِل: متعلق أََنْ يَتَّصِلاَ في محل رفع خبر المبتدأ، والمراد بالأصل هنا الغالب الراجح، أي: الكثير، وإن سمع غيره لكن هذا هو الذي يبين المراتب، فرتبة العامل أولاً ثم رتبة الفاعل ثم رتبة المفعول.

وَالأَصْلُ فِي الْفَاعِلِ أََنْ يَتَّصِلاَ بالفعل؛ لأنه كجزء منه، ((وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ)) هذا الأصل.

وَالأَصْلُ فِي المَفْعُولِ أَنْ يَنْفَصِلاَ، هذا مفهوم من الشطر السابق؛ لأنه إذا قال: وَالأَصْلُ فِي الْفَاعِلِ أََنْ يَتَّصِلاَ اتصل بعامله، إذاً: لن يقع المفعول فاصلاً بينهما، سيقع المفعول منفصل، هذا قطعاً، إذاً ماذا زادنا بقوله: وَالأَصْلُ فِي الْمَفْعُولِ أَنْ يَنْفَصِلاَ؟ ليس فيه شيء جديد.

وَالأَصْلُ: هذا مبتدأ، يعني: الغالب الراجح.

فِي الْمَفْعُولِ: المفعول به.

أَنْ يَنْفَصِلاَ: يَنْفَصِلاَ عنه عن العامل بالفاعل لأنه فضلة، وشأن الفضلات تكون في الأطراف، تقول: ضرب زيد عمْراً.

وَقَدْ يُجَاءُ بِخِلاَفِ الأَصْلِ: خلاف الأصل ما هو؟ تقدم المفعول وتأخر الفاعل.

وَقَدْ يُجَاءُ بِخِلاَفِ الأَصْلِ

قَدْ: هنا للتقليل أو للتحقيق؟ يحتمل هذا وذاك، منهم من حملها على التقليل، ومنهم من حملها على التحقيق، فيقدم المفعول على الفاعل إما جوازاً وإما وجوباً، وقد يمتنع ذلك.

قَدْ يُجَاءُ: هنا أضمر نائب فاعل؛ لأنه يختلف باختلاف المتكلم.

بِخِلاَفِ الأَصْلِ: ما هو الأصل؟ فِي الْفَاعِلِ أََنْ يَتَّصِلاَ، وَالأَصْلُ فِي الْمَفْعُولِ أَنْ يَنْفَصِلاَ، ((وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ)) النُّذُرُ هذا فاعل، وآلَ: مفعول به تقدم، فصل بين العامل وفاعله بالمفعول به، ثم هذا قد يكون واجباً وقد يكون جائزاً، الأصل فيه الجواز.

إذاً: يمتنع في ماذا؟ نقول: يمتنع في ثلاث مسائل:

الأول: ما ذكره الشارح: إذا كان المفعول اسم شرط، أو اسم استفهام، بمعنى: أنه إذا كان له الصدارة في الكلام.

وَقَدْ يَجِي الْمَفْعُولُ قَبْلَ الْفِعْلِ

ويمتنع تقدم الفاعل على المفعول لما تقرر سابقاً: وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعلٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015