كَفَازَ الشُّهَدَا: فاز الشهداء، نقول: فاز هذا مفرد، فاز زيد وفاز الشهيدان وفاز الشهداء، الفعل واحد مفرد في الجميع سواء كان مفرداً الفاعل أو مثنىً أو جمعاً ((قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ)) [المائدة:23]، ((وَقَالَ الظَّالِمُونَ)) [الفرقان:8]، ((وَقَالَ نِسْوَةٌ)) [يوسف:30] كلها في القرآن، فدل على أن إفراد الفعل مع كون الفاعل متعدد سواء كان مثنىً أو جمعاً، هذا هو اللغة الفصحى وعليه التعويل.
وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا ... وَالْفِعْلُ لِلظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ
وَقَدْ: للتقليل، قليل، سمع في طي وغيرها أنهم يلحقون الفعل علامة تثنية إذا كان الفاعل مثنى وعلامة جمع إذا كان الفاعل جمعاً، فيقولون: قاما الزيدان، قام: فعل ماض، والألف حرف تثنية مبني على السكون لا محل له من الإعراب، لا تعربه فاعل، والزيدان: فاعل.
قاموا الزيدون، قاموا، قام: فعل ماضي مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة، مناسبة الضمير أو حرف الجمع؟ حرف الجمع، هذا تزيده هناك في الفعل الماضي.
والواو هذا حرف دال على الجمع مبني على السكون لا محل له من الإعراب، ليس هو الفاعل، وإنما هو مثل: قامت –التاء-.
قاموا الزيدون، فالزيدون هذا فاعل يعتبر عند من نطق بهذا التركيب.
وَقَدْ يُقَالُ: وهي لغة قليلة، سَعِدَا هذا نائب فاعل لـ: يقال، بناه للمجهول، لأنها لغة قليلة، ولذلك دل عليها بقوله: قد.
وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا ... وَالْفِعْلُ لِلظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ
قَدْ يُقَالُ: سَعِدَا الشهيدان، ووَسَعِدوا الشهداء مع الجمع ومع التثنية، يلحق علامة تثنية وعلامة جمع، لكن ليس مطلقاً وإنما قيده:
وَالْفِعْلُ لِلظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ.
يعني: هذه اللغة القليلة لها صورتان: في اللفظ واحدة، وفي التقدير مختلفتان، إذا قلت: قاما الزيدان، ثَمَّ صورة مشتهرة شهيرة، وثَمَّ صورة هي لغة قليلة رديئة، بالنظر إلى الألف هذه: قاما الزيدان، إن جعلتها حرفاً ليست بضمير فحينئذٍ أسندتَ قاما إلى الزيدان، هذا هو الذي أشار إليه الناظم بأنه لغة قليلة، وأنه مخالف للفصيح المشتهر في لسان العرب، متى؟ إذا أسندت الفعل إلى الاسم الظاهر الزيدان، وحينئذٍ لا يكون للفعل فاعلان، إذا قلت بأن الفاعل هو الزيدان امتنع أن يكون الألف فاعل قطعاً، الفاعل له واحد، فحينئذٍ قاما الزيدان إذا أسند الفعل للاسم الظاهر امتنع جعل الألف -ألف التثنية- فاعلاً، ولك صورة أخرى أن تقول: قاما الزيدان، قاما قام: فعل أسند إلى الألف وحينئذٍ صارت ضميراً اسماً فاعلاً، والزيدان صار مبتدأً مؤخراً ليس هو الفاعل، ففَصلتَ بين قام والزيدان، جعلتَ قام مسنداً إلى الألف، تقول: الزيدان قاما هذه الألف فاعل ضمير، لك في مثل هذا التركيب قاما الزيدان أن تجعل الألف هذه ضميراً، فإذا جعلتها ضميراً أعربتها فاعل، وحينئذٍ استوفى قاما فاعله وبقي الزيدان منفصل، وإذا انفصل حينئذٍ له توجيهان في الإعراب: إما أن يكون بدلاً من الألف من الضمير، وإما أن يكون مبتدأً مؤخراً، وجملة قاما في محل رفع خبر مقدم، ولذلك اللغة الرديئة ليست بإسناد قاما إلى الألف، وإنما قيدها بقوله: