إذاً: رفع الفاعل ونصب المفعول، لو أخذناه بظاهره فسد المعنى، ولكن حينئذٍ نقول: المراد هنا إبدال الحركات، يعني: أبدلت حركة الفاعل من الرفع إلى النصب، والعكس في المفعول، ولا نعرب: خرق الثوب بأنه فاعل، لا، وإنما نقول هنا: مفعول أعطي الرفع، والمسمارَ هو الفاعل، إذاً: نصب الفاعل، ورفع المفعول، وكسر الزجاجُ الحجرَ، الحجرَ هذا فاعل، فأعطي ماذا أعطي النصب؛ لوضوح المعنى حصل هذا الخلط وحصل هذا الإبدال، لكن هل هو قياس؟ نقول: لا، هذا يسمع ولا يقاس عليه، كما أنهم نصبوا الفاعل والمفعول جمعياً، ورفعوا الفاعل والمفعول جميعاً، نقول: هذا التبديل وهذا التحريف ليس بقاعدة مطردة، وإنما الأصل في الفاعل أن يكون مطرداً، ثم هذا الفاعل إذا عرفنا حكمه وأنه يرفع على الأصل قد يُجَر بالإضافة، والمضاف إما أن يكون مصدراً وإما أن يكون اسم مصدر، قد يجر بالإضافة، ثم المضاف قد يكون مصدراً وقد يكون اسم مصدر، مصدراً مثل ماذا؟ كالمثال السابق: ((وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ)) [البقرة:251]، لَوْلا حرف امتناع لوجود، ((دَفْعُ اللَّهِ)) نقول: هذا مبتدأ، دَفْعُ مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه، ((النَّاسَ)) مفعول به، لأي شيء؟ لدفع لأنه مصدر، والمصدر هنا أضيف إلى فاعله، هل نسميه فاعلاً وهو مضاف إليه؟ المشهور في اصطلاح النحاة: نعم، لكن من حيث المعنى لا من حيث الإعراب، وبعضهم يتجوز أيضاً، يقول له محلان: محلٌ جر، وهو بالإضافة، ومحل رفع، وهو كونه فاعلاً، هذا جائز وهذا جائز، إذاً: تسميته فاعلاً مع كونه مجروراً هو المشهور عند النحاة، وقيل: لا يسمى فاعلاً اصطلاحاً، ومثله المجرور بحرف جر زائد، وأما إضافته لاسم المصدر هذا جاء في حديث: (مِنْ قُبْلَهِ الرَّجُلِ امْرأَتَهُ الْوُضُوء) -إن صح-، (مِنْ قُبْلَهِ الرَّجُلِ امْرأَتَهُ الْوُضُوء)، قُبْلَهِ، هذا اسم المصدر أضيف إلى الرَّجُلِ، امْرأَتَهُ، مثل الناس هناك فهو مفعول به، حينئذٍ نقول: هذا من إضافة اسم المصدر إلى الفاعل، الرَّجُلِ هذا فاعل في المعنى، بل هو فاعل أيضاً في الاصطلاح عند الكثير، إذاً: يجر الفاعل لفظه بإضافة إما إضافة مصدر أو إضافة اسم المصدر، وقد يجر بالباء الزائدة أو من، وهذا ما يعبر عنه بزيادة لازمة وزيادة غير لازمة، يعني: قد يدخل الحرف على الفاعل، حينئذٍ نقول: زيد حرف على الفاعل، ثم هذه الزيادة قد تكون لازمة لا تنفك في حال من الأحوال، وقد تكون غير لازمة؛ وذلك واجب في أفعِل الذي على صورة فعل الأمر، يعني: في باب التعجب: ((أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)) [مريم:38]، أحسن بزيدٍ، زيدٍ هذا مجرور في اللفظ، لكنه فاعل، والباء هذه زائدة، وهذه الزيادة لازمة، لا يوجد أحسِن في باب أفعل التفضيل إلا وفاعله مجرور بالباء، إذاً: نقول: هذه الزيادة لازمة، أحسِن بزيدٍ، الباء حرف جر، وزيدٌ فاعل مرفوع ورفعه ضمه مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، إذاً نقول: هو فاعل، وهو مجرور في اللفظ إلا أنه في التقدير مرفوع، لماذا؟ لكون أَسْمِعْ لا يكون فاعلها إلا مجروراً بالباء، وهذه الزيادة نقول: زيادة لازمة، بمعنى أنها لا تنفك عنه في حال من الأحوال: