وفي الكلمة ثلاث لغات: كَلِمة على وزن نَبِقة، وتجمع على كَلِم كنَبِق، وكِلْمة على وزن سِدْرة، وتجمع على كِلْم كسدر، وكَلْمة على وزن تمرة، وتجمع على كَلْم كتمر، وهذه اللغات في كل ما كان على وزن فعل: ككبد وكَتِف .. كَتْف .. كِتْف .. هذه لغات، كَبِد كَبْد كِبْد، كبدة هذا ثابت ليس فيه إشكال!
فإن كان وسطه حرف حلق جاز فيه لغة رابعة، وهي إتباع فائه لعينه في الكسر، اسماً كان نحو فَخِذ فَخْذ فِخْذ وفِخِذ، إتباع الفاء للعين، وكذلك: شَهِد شَهْد شِهْد شِهِد بالكسر إتباعاً لحركة العين.
والقَوْلُ عَمْ: عم ما ذكر .. عم: هذا فعل ماضي، والفاعل ضمير مستتر، حينئذٍ يكون الخبر جملةً فعلية، ويحتمل أن يكون: عم، أصله: أعم، والقول أعم، يعني: مما ذكر، حينئذٍ حذفت همزته تخفيفاً لكثرة الاستعمال مثل: خير وشر، ويحتمل أنه اسم فاعل: عام، والقول عام، وحذفت ألفه لضرورة الوزن، والصواب: أنه يحمل على أنه فعل؛ لأن القول بأن خير وشر هذا غلبة فيها، وأما عم فلا، فحينئذٍ أقول: عم، المراد به فعل ماضي هذا هو الصواب.
والقَوْلُ عَمْ، والقَوْلُ، أي: المقول، المقول، يعني: الذي هو أثر المصدر، المراد بالقول كما سبق معنا: هو اللفظ الدال على معنى، اللفظ: هذا جنس يشمل المستعمل والمهمل، المستعمل هو القول، فلما أخذنا اللفظ جنساً في حد القول احتجنا إلى فصل واحد لنخرج المهمل، فاللفظ: هذا عام، الدال على معنىً، والمعنى: هو ما يقصد من اللفظ، والدال هنا المراد به: بالوضع الشخصي أو النوعي، يعني: يشمل الوضع بنوعيه، الوضع نوعان: وضع شخصي ووضع نوعي.
الوضع الشخصي: هو جعل اللفظ دليلاً على المعنى، وهذا خاص بالمفردات، يعني: كلمة زيد وسماء وأرض، كل المفردات هذه واضعها وضع هذه الألفاظ بإزاء معانٍ خاصة، ألفاظ خاصة دالة على معانٍ خاصة، هذا نسميه ماذا؟ وضعاً شخصياً، لتعلقه بأشخاص الألفاظ بعينه نفسه، بزيد نفس زيد، هذا شخص من أشخاص الألفاظ، حينئذٍ نقول: جعل اللفظ دليلاً على المعنى، فالمعنى مدلول عليه، واللفظ دليل عليه، فاللفظ دليل، والمعنى مدلول عليه، تخصيص هذا الدليل بهذا المدلول نقول: هذا وضع شخصي.
وأما الوضع النوعي: فالمراد به القواعد العامة في لسان العرب، إذا أردت الإخبار بجملة فعلية حينئذٍ تأتي بالفعل أولاً، ثم تأتي بالفاعل ثانياً، من الذي وضع هذا بأن قدم الفعل على الفاعل؟ الواضع، لكن وضعه لهذه المسائل وضعاً نوعياً أو وضعاً آحادياً بأن نطق بكل فعل مع فاعله، أم أنه وضع قاعدةً إذا أردت أن تخبر بفعل فحينئذٍ قدم الفعل على الفاعل، ولا يصح تقديم الفاعل على الفعل، نقول: هذه قاعدة كلية، هل هي موضوعة وضعاً نوعياً، أم أنها أمر مستنبط من جهة العقل، فدليله العقل؟ نقول: لا، هي موضوعة.