(غَالِباً) ظرف زمان أو مكان متعلق بالنفي؛ لأنه قال: فَلاَ تُلْفِيهِ غَالِباً، يعني: في غالب أحوال (إن) المهملة، فَلاَ تُلْفِيهِ غَالِباً، إذاً متعلق بالنفي، وأعربه محيي الدين: حال، لكن ليس بظاهر، والمعنى انتفى في غالب الأزمنة، أو في غالب التراكيب، وجود الفعل موصلاً بإن إذا لم يك ناسخاً: هذا المراد، انتفى في غالب الأزمنة أو في غالب التراكيب وجود الفعل موصلاً بـ (إن) إذا لم يكن ناسخاً، ومفهوم ذلك عكس، أنه قد يصل في بعض الأحوال، لكنه على قلة أن يكون الفعل ليس ناسخاً، ومفهوم ذلك: أن وجود الفعل الناسخ موصلاً بـ (إن) لم ينتفِ في الغالب فيصدق بالكثرة، ولو جعل متعلقاً بالمنفي لكان المفهوم أن وجود الفعل الناسخ موصلاً بـ (إن) غالبيٌ، مع أن القوم إنما ذكروا الكثرة للغلبة، يعني: النحاة يعبرون في مثل هذه التراكيب بالكثير، ولا يعبرون بالغالب، وابن مالك كثيراً ما يعبر عن الكثرة بالغالب، حينئذٍ ثم تفصيل هل هو متعلق بالنفي أو المنفي؟ خلاف لا طائل تحته.
وَالْفِعْلُ إنْ لَمْ يَكُ نَاسِخاً فَلاَ ... تُلْفِيهِ: إنْ لَمْ يَكُ نَاسِخاً، نَاسِخاً، يشترط في الناسخ كونه غير نافٍ ليخرج ليس، يعني: غير ناف بنفسه؛ ليخرج ليس.
وغير منفي: ليخرج زال وأخواتها.
وغير صلة: ليخرج دام، إذاً: هذه مستثناة من الفعل الناسخ، ليس، زال وأخواتها، ودام، هذه لا تأتي بعد إن، مستثنى من قوله: وَالْفِعْلُ إِنْ لَمْ يَكُ نَاسِخاً: يستثنى منه المنفي، ما كان نفياً بنفسه وهو ليس، أو زال وأخواتها، أو صلة وهو دام.
وَالْفِعْلُ إِنْ لَمْ يَكُ نَاسِخاً فَلاَ ... تُلْفِيهِ غَالِبَاً بِإِنْ ذِي مُوصَلاَ
إن ولي إن المكسورة المخففة فعل كثر كونه مضارعاً ناسخاً، كثير أن يكون مضارعاً ناسخاً: ((وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ)) [القلم:51]، ((وَإِنْ يَكَادُ)) يكاد هذا فعل مضارع ناسخ، كاد يكاد، جاء بعد (إن) المخففة من الثقيلة: ((وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ))، ((وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ)) [الشعراء:186]، ((لَمِنَ الْكَاذِبِينَ)) اللام هذه داخلة على خبر (إن)، دل على أنها .. ؟
((وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ)) يعني: ما نظنك لمن الكاذبين، أو إثبات؟
إثبات.
إثبات، الدليل؟
اللام.
((إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ)) [الصافات:56]؟
مخففة من الثقيلة، كاد دكت، حذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين: ((وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ)) [الأعراف:102]، ((وَجَدْنَا)) فعل ماضي من وجد، وهو ناسخ.
وندر كونه ماضياً غير ناسخ.
إذاً: الكثير أن يكون مضارعاً ناسخاً، ثم بعده في المرتبة الثانية أن يكون ماضياً ناسخاً، وندر كونه ماضياً كذلك غير ناسخ: ((وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ))، يَكَادُ قلنا: مضارع، ((وَإِنْ وَجَدْنَا)) هذا ماضي.
إذاً: الماضي والمضارع الناسخ ليس بنادر، وإنما النادر كونه ماضياً غير ناسخ، ومثله:
شَلَّتْ يَمينُكَ إنْ قَتَلْتَ لمُسلماً