منْ دُونِ لَيْتَ وَلَعَلَّ وَكَأَنَّ: قيل: لو استغنى عن هذا الشطر لم يخل بالمعنى، المعنى باقٍ، وأجيب: بأن مفهوم (أنّ)، و (لكن) مفهوم لقب، إذا قلنا: أُلْحِقَتْ بِإنَّ لكِنَّ وَأنَّ، بمفهوم هذين الحرفين علمنا أن لَيْتَ وَلَعَلَّ وَكَأَنَّ، لكن ما نوع المفهوم؟ هذا مفهوم لقب، ومفهوم اللقب ضعيف عند الكثير، فدفعاً لهذا الإيهام لئلا يُخرج بـ (لكن) و (أنّ) ما ذُكر صرح الناظم بذلك المفهوم، إذاً: تصريحه بقوله: (منْ دُونِ لَيْتَ وَلَعَلَّ وَكَأَنَّ) وإن كان مفهوماً من الشطر الأول، إلا أن جهة الفهم لقبية، ومفهوم اللقب هذا فيه ضعف، قد يقول قائل: لا، ما أراد الناظم هذا، حينئذٍ يحتاج أن يحترز عنه، فنص على ذلك دفعاً لهذا الوهم، وأجيب: بأن مفهوم (أنّ) ولكن مفهوم لقب وهو ضعيف، فخاف المصنف أن لا يعتبره أحد بضعفه، فنطق بذلك المفهوم.
وَأُلْحِقَتْ بِإِنَّ لكِنَّ وَأنّ ... منْ دُونِ لَيْتَ وَلَعَلَّ وَكَأَنّ
إذاً: (لَيْتَ وَلَعَلَّ وَكَأَنَّ) لا يجوز معها إلا النصب، سواء تقدم المعطوف أو تأخر، ليت زيداً وعمرواً قائمان، وليت زيداً قائمٌ وعمرواً بالنصب واجب النصب، واجب النصب على ماذا؟ واجب النصب على أي شيء؟!
معطوف على اسم ليت، ولا يجوز فيه الرفع، علمتُ أن زيداً قائمٌ وعمروٌ، علمتُ أن زيداً قائمٌ وعمروٌ وعمرواً يجوز أو لا يجوز؟ جائز، لماذا؟ (أنّ) هنا في موضع الجملة؛ لأنها حلت محل مفعولي علِمَ، وعمروٌ حينئذٍ نعربه مبتدأ خبره محذوف، وعمرواً معطوف على اسم أن.
ما زيدٌ قائماً، لكن عمرواً وخالداً منطلقان، ما زيد قائماً، هذا ليس فيها شاهد، لكن عمرواً وخالداً منطلقان، هنا جاء الاسم المعطوف قبل استكمال الخبر فوجب النصب، لو تأخر: لكن عمرواً منطلقٌ وخالدٌ –بالرفع-؟ جاز الوجهان؟ لكن خالداً منطلق وعمرواً واجب النصب؛ لأنه بعد لكن.
وَأُلْحِقَتْ بِإنَّ لكِنَّ: إذاً: يجوز فيها الوجهان، النصب والرفع، النصب عطفاً على اسم لكن، والرفع على أنه مبتدأ لخبر محذوف.
وَخُفِّفَتْ إِنَّ فَقَلَّ الْعَمَلُ ... وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ
وَرُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا إِنْ بَدَا ... مَا نَاطِقٌ أَرَادَهُ مُعْتَمِدَا
وَخُفِّفَتْ إنَّ: خُفِّفَتْ هذا فعل مغير الصيغة، و (إنّ) نائب فاعل، (فقل) قلًَّ فعل ماضٍ والفاء هذه عاطفة، (فَقَلَّ الْعَمَلُ) هذا فاعل، (وَخُفِّفَتْ إنَّ فَقَلَّ الْعَمَلُ): بشرط تخفف (إنّ)، بمعنى أنها تحذف إحدى النونين، فيقال: (إنْ)، بدل الشدة: (إنَّ) تقول: (إنْ)، إنْ زيداً قائمٌ، إن زيدٌ لقائمٌ، حينئذٍ إذا خففت إن بحذف إحدى النونين قال: قَلَّ الْعَمَلُ. فَقَلَّ الْعَمَلُ، القليل العمل والكثير عدم العمل الإهمال.
إذاً: كونها لا تعمل بعد التخفيف أكثر من إعمالها: إنْ زيداً قائمٌ يجوز؟
قل العمل.
قليل، يعني: ليس بشاذ هو لغة، إذا قيل: معناه ليس بنادر أو أندر، إذا قيل: نادر هذا مختلف فيه هل يقاس عليه أم لا؟ وإذا قيل: أندر، أو حكم عليه بكونه شاذ هذا محل وفاق لا يقاس عليه، وأما النادر هذا محل نزاع، والصحيح أنه ما يعتبر لغة مطردة، وإنما قد يستعان به في الشعر ونحوه.